لماذا لا أرى هذا الربيع العربي؟؟؟

هل أنا مصابة بعمى الألوان؟؟؟ لماذا لا أرى هذا الربيع العربي؟؟؟ لماذا لا أرى الأزهار مختلفة الألوان في ربيع يحكي كل العالم على سحره؟؟؟ لماذا لا أرى إلا عالما بلونين فقط أبيض وأسود بل حتى الأبيض بالكاد أبصر بصيص منه يمكن فقط مع كل اشراقة شمس ثم سرعان ما يعم اللون الأسود ...

لا أنكر بأني حلمت لا فقط بربيع عربي، حلمت بولادة جديدة للوطن العربي ، كنت أشعر مع كل صرخة من مواطن ثائر ولادة جديدة لمولود جديد كله أمل، كنت أحلم مع كل قطرة دم نزلت على هذه الأرض بجنة لن يقدر كل العالم على مقاومة سحرها، ، حلمت بأن هذا الشعب الذي استطاع أن يدوس على الجمر الذي بقي مشتعلا أكثر من خمسين عاما، هذا الجمر الذي ألجم أفواه الشعب طيلة هذه الفترة، هذا الشعب الذي استطاع أن ينفض غبار عهدين من الاستبداد والقهر والقمع، هذا الشعب الذي قرر أن يغير من نمط حياته ويثور للتخلص من قيود وثقته وشلت حركته، سيتمكن من تغيير كل العلاقات وقلب كل الموازين وكان حلمي يكبر مع بداية الثورة المصرية ويكبر أكثر مع بداية الثورة الليبية، كنت أقول كل من مصر وتونس تمكنت من التخلص من أنظمة عميلة وحلمت للحظة بأن تونس ومصر وليبيا سيمثلون بداية لوحدة عربية وسيمتد الربيع العربي لباقي المنطقة .

ولكن سرعان ما تلاشت هذه الأحلام على شواطئ تونس تاهت في أهرامات مصر وماتت في صحراء ليبيا ...

فعن أي ربيع عربي تتحدثون؟؟؟ هل يمكن لأعداء الأمس أن يساهموا في صنع ما أسموه ربيع عربي؟؟؟ هل يمكن للقوى الامبريالية أن تقوم بزرع ورود بأرض زرعتها بالألغام في يوم من الأيام وتبث فيها سمومها إلى اليوم وبطواطئ من أنظمتنا؟؟؟؟

لا أدري كيف وللحظة وحين أعلن الناتو تدخله عسكريا ليبيا كيف مر أمامي شريط ما حدث في العراق، هذا الجرح الذي لم تكف دماؤه عن النزيف إلى يومنا هذا، وتساءلت في حيرة هل ذاكرة شعوبنا ضعيفة إلى هذه الدرجة؟؟؟ هل أن فضيحة أبو غريب محيت من الأذهان بهذه السرعة؟؟؟؟؟ وكيف يمكن لشعبنا أن يصدق بأن هؤلاء يمكن لهم أن يصدروا لنا الحرية والديمقراطية ؟؟؟؟؟ هل فعلا نسوا بهذه السرعة كيف أعدم صدام حسين يوم عيد الاضحى ؟؟؟؟؟؟ كيف يمكن لهم أن ينسوا هذه الصفعة التي لا يمكن أن تمحى آثارها؟؟؟ وكل يوم تزداد حيرتي ويزداد ألمي وأنا أرى الأعلام الأمريكية والفرنسية والبريطانية تقبل من قبل ما يسمونهم بالثوار، يزداد جرحي عمقا وأنا أرى الصهيوني ومهندس الربيع العربي ليفني بين ما يسمونهم ثوارا ويقود عملياتهم العسكرية .

لي رغبة كبيرة في فهم كيف يفكر الشعب العربي، كيف يمكن أن يصدق بأن من دعم هذه الأنظمة الديكتاتورية طيلة هذه الفترة وساعدهم على جلد شعوبهم يمكن أن يساعدوهم اليوم للتخلص منهم حبا فيهم؟؟؟؟ وكيف يمكن لهم أن يصدقوا بأن نظاما مثل النظام القطري الذي استولى على الحكم بعد انقلاب مدبر ضد أبيه والنظام الذي سمح بقيام أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في قطر يمكن أن يساعد بقية الشعب العربي في الحصول على حريته ؟؟؟

لمن لا يعلم هذه الدول مازال نظام العبودية قائم بها ومازال منطق الأسياد والعبيد يشتغل بها، ومازال الوجهاء والأعيان يقومون بخصي العبد الذي يعمل لديهم في المنزل، بهذه الدول مازالت المرأة تعيش بمنطق العصور الجاهلية، فيكف يمكن لها أن تصدر الحرية والديمقراطية لشعب سوريا العظيم ؟؟

فما الذي يجعل شعب العربي يصدق بأن القوى الامبريالية فعلا تدافع على حرية الإنسان والقيم الإنسانية فلماذا لا تدافع على الشعب الفلسطيني؟؟؟ لماذا لا تدافع على شعب غزة المحاصر؟؟ لماذا لا تدافع على حقوق الطفل الفلسطيني الذي منذ أن يولد يكون مشروع شهيد ولا يعرف من معنى الطفولة إلا اسمها، فهل هؤلاء ممنوع عليهم أن يتمتعوا بالحرية؟؟ اليوم المرشح الأمركي للرآسة الأمريكية ” رومني” يتهم أوباما بأنه تخلى على دولة الصهاينة ومن جهة أخرى يعيب عليه أنه اتخذ موقف المتفرج من أحداث سوريا، وكأن سوريا صديق حميم للصهاينة وكأن هضبة الجولان لا يحتلها الكيان الغاصب.

إذا مع أحداث ليبيا كان علي أن أعيد قدماي إلى الأرض بل وشعرت بأنه يصعب علي التنقل، أجل كنت أفضل البقاء في المكان نفسه ولكن علي أن أجول بنظري وأنا في مكاني علني أستطيع أن أرتب البعض من أفكاري المتناثرة هنا وهناك والضائعة بين أمل كنت أشعر به بالأمس القريب وإحباط هزني من الأعماق، كنت أشعر بأن ما يحدث في المنطقة طبخة طبخت على نار هادئة في مطابخ القوى الامبريالية، طبخة كلها سموم وكان على أمير قطر أن يقوم بدور النادل لتقديم هذه الطبخة ولكن في أطباق مختلفة، حينها أدركت بأن القوى الامبريالية لن تتخلى على مصالحها بكل تلك السهولة بل إنها تعمل على مزيد تدعيمها، فكنت كلما أستمع إلى أحدهم يتكلم عن الربيع العربي أشعر وكأن تصحر فكري يكتسح أذهاننا، أشعر وكأن حتى تفكيرنا موجه بطريقة محكمة تجعلنا لا نرى الأمور إلا بالطريقة التي تصور لنا، فعن أي ربيع عربي نتحدث والسودان أكبر وأخصب منطقة عربية تقسم ويوم تقسيمها ترفع الأعلام الاسرائلية في دولة الجنوب؟؟؟ واليوم وبعد أن دمرت ليبيا يقع تقسيمها ويسقط يوميا عشرات القتلى في صراعات قبلية، أما اليمن التي دفعت هي الأخرى ثمنا باهضا من دماء أبنائها بقي شعبها يتصارع مع تنظيم القاعدة، وبقيت اليمن خارج اهتمامات كل السياسيين المهندسين والمشيدون بالربيع العربي

إذا تغيرات جغراسياسية تبدو ملامحها واضحة، صحيح تغير واقع المنطقة ولكن كيف وإلى أين؟؟؟

وهل فعلا ثوراتنا لم تكن بلا قائد؟؟ هل يمكن لمولود أن يكون دون أب؟؟؟ هل يكون هذا هو السبب الذي جعل ثورتنا تسرق بكل بساطة؟؟؟ وهل تكون ثورة دون أن يستولي لثائر عن السلطة؟؟؟

إن الثورة في اعتقادي هي تغيير للعلاقات القائمة، كنت أحلم بموت أنظمة سايكس بيكووأن تحل محلها أنظمة وطنية تقطع مع العمالة، ولكن ما حدث هو تصعيد نسخ معدلة من الأنظمة السابقة وبأكثر قبحا وإغراق المنطقة في ما يسمى بنظرية الفوضى الخلاقة، وهنا أستحضر مقولة الصهيوني أوسكار ليفي “نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه. ومحركي الفتن فيه وجلاديه”.