kimgou64 مدير عام
عدد المساهمات : 1194 تاريخ التسجيل : 10/10/2012 العمر : 60 الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com
| موضوع: مخاضات الحاضرالعربي وتجديد الفكرالاسلامي المعاصر السبت 23 فبراير 2013 - 17:28 | |
| مخاضات الحاضرالعربي وتجديد الفكرالاسلامي المعاصر بقلم : عوني فرسخ الآفاق القادمة : عن التقدمية : صحيفة إليكترونية إخبارية مجلة الوعي العربيعندما تفجر مخاض التغيير في تونس وامتد الى مصر غلب التفاؤل بالحاضر والمستقبل العربي على المحللين السياسيين العرب والاجانب . إلا أن زمن التفاؤل لم يطل إذ سرعان ما طغى التشاؤم من الحاضر والقلق على المستقبل ، بعد أن شاعت الاعمال الارهابية من قطع للرؤوس ، حتى رؤوس التماثيل ، وهدم للبنيان حتى المساجد ومقامات الاولياء ، وتكفير الخصوم وإباحة دمائهم . وكل ذلك باسم الاسلام وعلى يد ارهابيين ينتسبون الى شعوب يدين غالبيتها بالدين الحنيف . في مخالفات صارخة ليس فقط لقيم العصر وانما ايضا لتعاليم الاسلام بتكريم بني آدم ، والدعوة لدين الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجدال الآخر المخالف بالتي هي أحسن . والجدير بالتذكير به ان الاسلام انتشر وعم وتعزز دوره في اندونيسيا وجنوب شرق اسيا ، كما في السنغال وشرق ووسط وغرب افريقيا جنوبي الصحراء الكبرى على ايدي تجار من اليمن والسودان ودعاة من المغرب العربي ، عرفوا جميعهم بحسن السيرة ومكارم الاخلاق ، ولا نظن بأن في استطاعة اكثر جماعة الاسلام السياسي المعاصرين استنارة تقديم صورة للاسلام يمكن ان تقارن بما قدمه التجار اليمانيون والسودانيون والدعاة المغاربة قبل بضع قرون ما يستدعي التساؤل عن اسباب انتكاس الفكر والعمل الاسلامي بعد طول إبداع حضاري ؟
وفي محاولة الاجابة عن التساؤل المطروح نذكر القارىء الكريم انه كان لقادة الفكر والعمل الاسلامي دور رائد في الحضارة الانسانية ، عندما توفرت خلال القرنين الاولين للهجرة عوامل النهضة الروحية والمادية . غير أنه حين افتقدت دولة الخلافة وحدتها القومية ، وكثر الخروج عليها ، وتشرذم الوطن العربي ، وآلت مقاليد السلطة فيه لمرتزقة الجند من الترك والديلم ، وشاركتهم في السلطة جواري قصر الخلافة ، كان طبيعيا ان تفقد الأمة العربية دورها الريادي ، وأن ينتكس الفكر والعمل الاسلامي .
وحين تًراجع الاجتهادات الفقهية بدءا من العصر العباسي الثاني يتضح انها مختلفة عما ابدعه الائمة العظام السابقين ، إذ جاءت تعبر عن واقع مأزوم انعكست أزمته على فتاوى الفقهاء ، فضلا عن أن الاجتهادات والممارسات تأثرت بما كان مترسبا في أعماق مرتزقة الجند وجواري القصور الذين لم يتحرروا من مواريث وعادات الشعوب التي استجلبوا منها . وبالتفاعل الجدلي بين الواقع المأزوم وواقع السلاطين والجواري صناع القرار ، والسائرين في ركابهم من “العلماء ” و”الفقهاء ” والدراويش استحدثت البدع ، وعني بالمظهر دون الجوهر ، وغلب الأخذ بمبدأ “ليس للخلف أن يقول بغير ما قال به السلف ” . وبذلك تعطلت القاعدة الفقهية “تتغير الاحكام بتغير الازمان ” ، وشل الاجتهاد وبالتالي عانى المسلمون على اختلاف مذاهبهم من الضعف الذي بدأ سياسيا ، باستبعاد النخب عربية الاصول زمن المعتصم ومن جاءوا بعده من الخلفاء ، لينتهي دينيا بغلبة “فقهاء ” السلطة .
وتوالت قرون من الاستبداد والفساد والجهل والجمود حتى بداية اليقظة العربية آواخر القرن التاسع عشر حين سطع نجم رواد “الجامعة الاسلامية” دعاة التجديد : جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي . وكان الامام محمد عبده – في كتابه الاسلام والنصرانية بين العلم والمدنية – قد حدد ستة أصول للاسلام : 1 – النظر العقلي لتحصيل الايمان ، 2 – إذا تعارض العقل والنقل أخذ بما دل عليه العقل ، 3 – البعد عن التكفير ، فإذا صدر قول من قائل يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الايمان من وجه واحد حمل على الايمان ، ولا يجوز حمله على الكفر ، ، 4 – الاعتبار بسنن الله في الخلق ، وهي الشرائع والنواميس ، 5 – قلب السلطة الدينية ، إذ لم يدع الاسلام بعد الله ورسوله سلطانا على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه ، على أن الرسول عليه السلام كان مبلغا ومذكرا ، 6 – لكن الاسلام دين وشرع ، فقد وضع حدودا ورسم حقوقا ، ولا تكمل الحكمة من تشريع الاحكام إلا إذا وجدت قوة لاقامة الحدود ، وتنفيذ حكم القاضي بالحق ، وصون نظام الجماعة . والخليفة عند المسلمين ليس بالمعصوم ، ولا هو مهبط الوحي ، ولا من حقه الاستئثار بتفسير الكتاب والسنة . والأمة ، أو نائب الأمة ، هو الذي ينصبه ، والأمة هي صاحبة الحق في السيطرة عليه ، وهي التي تخلعه متى رأت ذلك في مصلحتها ، فهو حاكم مدني من جميع الوجوه . ومع أن “جماعة الاخوان المسلمين ” . تأسست بعد رحيل الامام محمد عبده وصاحبيه ، وما ابدعوه من فهم للاسلام وحقائق التاريخ العربي الاسلامي ، وما طرحوه من حلول لمشكلات العصر ، وما كان لابداعهم وطروحاتهم من إسهام في نمو الوعي السياسي والاجتماعي في مصر من بعدهم ، إلا أن “الاخوان” . كما يقرر د. محمد عمارة – في كتابه : الاسلام وقضايا العصر – “لا توجد عندهم عقلانية تيار الجامعة الاسلامية ، وجرأته في تناول القضايا . وإننا نستطيع ان نقول إذا كان علماء الدين في المؤسسات التقليدية قد نهضوا بوظيفة وعاظ السلاطين ، فان دعاة الاخوان المسلمين قد نهضوا بوظيفة وعاظ العامة والجمهور ، وغاب الفكر بمعناه الخاص من ساحتيهما . وكان الاخوان أقرب الى دعاة الدولة الدينية ، لأنهم في النهايــــة يحرمون الأمة من السلطات السياسية والتشريعية ويتحدثون عن قانون إلهي جاهز” .
وما جاء به سيد قطب وشاع من بعده أشد تخلفا مما جاء به حسن البنا عما صدر عن الامام محمد عبده وصاحبيه . بدليل أن كتابه “معالم في الطريق” وقوله بجاهلية المجتمع أدانه الداعية الاخواني الراحل محمد الغزالي . كما رفضه المرشد الثاني للاخوان المستشار حسن الهضيبي وكثير من العلماء المنضمين للجماعة . وبرغم تخلف أدبيات سيد قطب وغلوها إلا أنها غطت على أدبيات البنا وتابعيه من دعاة الاخوان ، وغدت المرجع الذي يعود اليه ممارسو الارهاب باسم الاسلام فيما يتناقض مع استنارة الاسلام وعدله وسماحته . وما يستدعي مراجعة جذرية للفكر والعمل الاسلامي المعاصر .
والمرجح عندنا ان المخاض الجاري في عموم الارض العربية ، وبخاصة في تونس ومصر وسوريا ، سيكون من بعض حصاده على صعيد الفكر والعمل الاسلامي ليس فقط اعادة الوصل بما ابدعه الاستاذ الامام وصاحباه ، وإنما ايضا تطوير ما كان بما فيه التجديد المأمول في الفكر والعمل الاسلامي المعاصر . | |
|