kimgou64 مدير عام
عدد المساهمات : 1194 تاريخ التسجيل : 10/10/2012 العمر : 60 الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com
| موضوع: عبد السلام ياسين - الإمام المجدد - الأربعاء 6 فبراير 2013 - 16:50 | |
| عبد السلام ياسين - الإمام المجدد - وجهة نظر : الناشط السياسي علاء الدين بنهادي إن مشروعا فكريا بدأ برجل، فأصبح جماعة إسلامية، أعضاؤها يعدون بعشرات الألوف، في ظل نظام سياسي استبدادي هو الأسوء في عصره، وأقام تنظيما في غاية البناء الهيكلي الحديث، أثبت تماسكه وصلابته على مدى قرابة أربعة عقود، وخرج قيادة التزمت الأسس الشرعية والتربوية والتوجيهية في إدارة الجماعة، وتقيدت بالنظام والانضباط لروح المسؤولية العالية، وخاض بالجماعة صراعات حقيقية ومفتعلة بثقة وقوة واستمرارية رغم العواصف الأمنية والفتن، ثم امتد هذا المشروع ليصبح حركة اجتماعية، متعاطفوها يعدون بمئات الآلاف، كما خصومها في تزايد منذ انطلاق الثورات الإسلامية في العالم العربي، بسبب تجذرها في الواقع الاجتماعي الشعبي وإنصاتها لهموم الناس ووفائها لخطها الشرعي والسياسي وصوابية اختياراتها ومواقفها وقراراتها عند كل كمين سياسي ينصب لها من الإخوة قبل الخصوم، إن رجلا كان وراء هذا المشروع الحركي الإسلامي، أجمع عليه علماء ومفكري الأمة الإسلامية في الندوة العالمية قبيل رحيله طيب الله ثراه، هو بحق إمام مجدد لروح هذه الأمة المغربية وانتمائها الإسلامي الأصيل، إمام لم تثنه سطوة طاغية ولم تبدله المحن، إمام أخرج حركة إسلامية من الأرض المغربية وأنبتها نباتا حسنا ورعاها حق رعايتها، إمام كان، بل أصبح، برفقة صحبه الخلص، الأمل في عودة الإسلام إلى حياة المغاربة، إسلام تربية النفس الأمارة بالسوء والدعوة إلى الله كما أراد سبحانه لا كما يريد الطاغوت، إسلام جهاد الكلمة الحقة والمفاصلة البينة بين مشروع الوطن المسلم والدولة المسلمة ومشروع الاستبداد والإفساد الموصول جينيا بالاستعمار والاستكبار الغربي، إسلام يؤسس لعلاقة جديدة بين الإنسان المغربي وخالقه سبحانه وشرعه الحنيف، بعد عقود من التيه والضياع. إنه إمام بمنعى القيادة، من حيث هي توجيه تربوي وتنظيمي ومنهاجي للجماعة في دروب الصراع مع طغيان النفس واستبداد النظام، وبمعنى الريادة، من حيث هي تجديد لاهتمامات المسلم وترتيب لأولوياته في حياته وتعاطيه مع مقاصد الإسلام الربانية سلوكا اجتماعيا وتنزيلا واقعيا، وفهمه للدين بأن يكون كله لله. إنه إمام، لأنه قاد حركة إسلامية وجماعة للمسلمين لقرابة أربعة عقود ولم يصبها ركون الحركات إلى الظالمين وانحرافاتها عن الشرع ولا وهن الأحزاب وسقوطها في براثين المخزن، ولم يصبها مرض الانشقاقات وعصبية الإيديولوجيات، ولم تنجذب لأضواء النظام البراقة والخادعة، بل بقيت ثابتة على خطها التربوي، وفية لفهمها الشرعي لما يجب أن تكون عليه حركة إسلامية مجددة، التزمت مسارها السياسي لإدراكها العميق لخريطة وطبيعة الصراع مع هذا النظام، صراع ليس على قوانين الانتخابات أو التقطيع الانتخابي ولعبة الباب الدوار التي يتقنها النظام، يدخل حزبا في اللعبة ويستوعبه، بل يستعبده، ويخرج آخر فيستبعده، أو رخص مقالع الرمال والنقل والصيد البحري، رغم أهميتها لكونها مصدرا من مصادر الفساد الريعي للنظام ونخبته السياسية والاقتصادية، ولا صراع حول من يعين في مناصب المؤسسات العمومية أو حول دفتر التحملات وصندوق المقاصة، بل أدركت الجماعة، والقصر أيضا، بأنه صراع بين مشروعين سياسين نقيضين غير قابلين للتعايش، مشروع يستمد شرعيته من الإسلام حكما ومقاصديا وتوجيها إلاهيا ودولة ومجتمعا خاضعا لأمر الله الذي ارتضاه سبحانه لعباده وبينه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أقامه، وصحابته من بعده، خلافة إسلامية راشدة، وبين مشروع يستمد شرعيته من الاستبداد والقهر والاستغلال وفقه التغلب، يحتكر السلطة والمال ولا يلتزم فيهما بأمر الله ولا بحقوق المواطنين، ويستقوي على الشعب والقوى المعارضة الداعية إلى التغيير بالغرب الاستعماري قمعا وإفسادا وتغريبا وتآمرا. لقد فهم الإمام عبد السلام أن مشروعه ومشروع النظام يقعان على طرفي معادلة "الإسلام أو الطوفان"، وحينما اقترح على النظام أن يقتدي بـ"القومة العمرية"، الذي تحول من ملك من ملوك بني أمية إلى أمير المؤمنين الخليفة الخامس الراشد رضي الله عنه، والفرق واضح بين البيعتين، كان يدرك بماذا يطالب النظام وكان النظام هو أيضا يعي أبعاد هذا المطلب. كان هدف الإمام من هذا المطلب هو كشف خروج النظام عن دائرة الشرعية الإسلامية بعدم الامتثال له، واختبار انتساب الملك إلى الدوحة النبوية الشريفة، على صاحبها الصلاة والسلام، على أساس أن اتباع سنة عمر بن عبد العزيز الراشدة هي اتباع لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وقد كانت رسالة الإمام المجدد، "إلى من يهمه الأمر"، إلى محمد السادس، خطوة أكدت، حينما لم يتجاوب الملك مع ما جاء فيها من دعوة لتصحيح مسار الحكم لضمان استمراره والتكفير عن جرائم سنوات حكم الحسن الثاني بعودة الحق لأهل المغرب سياسيا واقتصاديا وقيميا، حقيقة واحدة بأن الملك لا يهمه الأمر، وتصرف كأن شيئا لم يكن. هذه إحدى مرامي راسالة هذا القائد الذي استمد قوته وبعد نظر من عدم اختلاطه ودخوله في لعبة النظام مطلقا وأبقى الجماعة على معادلة لم يحققها أي تنظيم سياسي أو حركي من قبل، الاستعلاء عن أدران وشراك "جاهلية" نظام الحسن الثاني وحالة الفساد التي زرعها في الأحزاب والمؤسسات السياسية والنقابية والحقوقية من كل الاتجاهات الفكرية والإيديولوجية، وأيضا التجذر في عمق المجتمع المغربي والتواجد في تفاصيل حياة الإنسان المغربي المستضعف واستقطاب شريحة عريضة من الطبقة الوسطى، والتي قام بإعدامها واستئصالها الحسن الثاني حينما أدرك بأن الحركة الإسلامية، الشبيبة والجماعة، قد استمالتها إلى مشروعها وطرحها السياسي والتربوي خلال العقد السابع من القرن الماضي. لقد كانت اختيارات الإمام عبد السلام ياسين لعناوين رسائله للملوك وللتوقيت الزمني والمرجعية الإسلامية والتاريخية دقيقة وبعيدة المدى ومقلقة بالنسبة للنظام، لأنها كانت تنهل من نفس المرجعية التي تشكل العمود الفقري لشرعية النظام الدينية والتاريخية، وتضعه، حينما يرفض مكابرا ومعاندا أن يتجاوب معها ويأخذ بتوجيهاتها التربوية والسياسية، في موقف يخرجه من دائرة هذه المرجعية وتعري شرعيته وتسلبه مقوماتها، وتكشف زيف ادعائه في الانتساب العملي إليها وإلى البيت الشريف الذي انطلقت منه. إن حاجة حركة التغيير وإقامة مجتمع الإسلام ببلادنا يتسع لكل أبناء الوطن تحت سقفه العقدي والتشريعي، تجعلنا في حاجة إلى إمام مجدد ينهض بهمم هذا المجتمع ويرفع وعينا الديني إلى مقام الفعل في ساحة الصراع مع النفس لتربيتها وضبطها بضوابط الشرع، ومع النظام لإجباره عن إخلاء سبيل هذا الشعب الكريم وتحريره ليحدد مصيره بنفسه ويعود إلى دينه وتاريخيه ومجده وهويته. إنها حاجة سياسية ودينية وضرورة تاريخية، إذ ليس في مشهدنا الديني والتربوي والسياسي اليوم شخصية تتمتع بصفات الإمامة والتجديد لتقود مشروع التغيير مثل الأستاذ المرشد طيب الله ثراه، في حياتها وبعد رحيلها، من خلال التجربة الحركية والتنظيمية الفذة والقوية التي أسسها وحصنها من كل أخطار النظام، وجاءت الثورات الإسلامية في بلادنا العربية لتزيدها تقدما في وعيها السياسي ونضجها الميداني. إنها حاجة استراتيجية، لكل من يعمل من أجل التغيير مستعليا على كل الأطر التنظيمية والفكرية الضيقة، في سياق تاريخي فقد فيه النظام وهجه و"استثنائيته" وتفرده بوضع قواعد اللعبة السياسية وتركيزه على ضمان مصيره ومستقبله الاقتصادي غير مكترث لسياساته الضالة التي تبعده يوما بعد يوم عن الشعب، رغم لجوئه لإحدى تكتيكاته البالية المتآكلة، وهي تقديم حزب سياسي قربانا وكبش فداء وشماعة يعلق عليها خطاياه السياسية والاجتماعية وفشله في إدارة الشأن العام والسياسات الداخية والخارجية، كما يفعل اليوم مع حزب العدالة والتنمية. | |
|