الآفاق القادمة
ساهم معنا من أجل تلمس آفاقنا القادمة
الآفاق القادمة
ساهم معنا من أجل تلمس آفاقنا القادمة
الآفاق القادمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الآفاق القادمة

الجميع يفكر في تغيير العالم ، لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
زيارتك لنا هي رقم

المواضيع الأكثر شعبية
علاقة الفن بالواقع
تعريف وأشكال الأراضي السلالية
مختارات من روائع الشاعر محمود درويش - 01 -
أسس الصحة المدرسية
دروس هامة وعملية في علم التشريح .
برنامج المحاسبة :عربي رائع سهل الاستخدام ومجاني .
اختبار الذكاء باللغة العربية :Arabic IQ Test
قانون الحريات العامة بالمغرب
الثورة لا تعرف لغة السوق
موسوعة الوثائف الخاصة بأساتذة السنة الأولى ابتدائي
مرحبا بالزوار من كل البقاع

احصل على دخل إضافي

 

 الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kimgou64
مدير عام
مدير عام
kimgou64


عدد المساهمات : 1194
تاريخ التسجيل : 10/10/2012
العمر : 60
الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com

الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 - Empty
مُساهمةموضوع: الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 -   الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 - Emptyالأحد 23 ديسمبر 2012 - 14:55

الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 -

د. علي عباس مراد - عن مجلة مدارك

الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 - 1350316651_dq
مقدمة..

ينعكس النظام الدولي الجديد، والذي ما زال في طور تبلوره ونضج ملامحه التكوينية الأساسية، في جملة أفكار وتطبيقات راهنة يقف في المقدمة منها ذلك المسعى الحثيث للولايات المتحدة الأمريكية بوصفها القوة الأولى في هذا النظام لإكراه دول العالم خارج النطاق الحضاري الأوربي - الغربي ودائرة نفوذ حلف شمال الأطلسي، على الأخذ بأنموذج النظام الديمقراطي الليبرالي. وإذ لا يحظى هذا المسعى على الدوام بقبول كل المعنيين به، فإن الطرف الأمريكي يبدو مستعدا لإنجاحه حتى وإن تطلب ذلك لجوءه إلى الاستعمال الموسع والمكثف للقوة العسكرية المباشرة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ذات السيادة بالنيابة المنتزعة بالقوة من المجتمع الدولي وأكبر مؤسساته (الأمم المتحدة) بذرائع تتراوح بين الطبيعة الفردية الاستبدادية للأنظمة الحاكمة في هذه الدول وانتهاكاتها الواسعة والعميقة لحقوق الإنسان، أو دعمها هي أو مجتمعاتها أو حتى بعض مواطنيها للإرهاب الدولي.

وحيث إن الدول العربية والإسلامية هي وحدها المعنية بمواجهة مقدمات ونتائج (سياسة الإكراه الديمقراطي الأمريكية) التي يتم تنفيذها بالتدخل العسكري المباشر المتستر وراء الشرعية الدولية بما يهدد ليس استقرارها فحسب بل واستمرارها أيضا. فقد بات لزاما على هذه الدول الاستجابة لتلك التحديات والرد عليها وهو ما يشمل بنطاقه أيضا كل أشكال الخطاب الإسلامي السياسي* فيها خارج السلطة وداخلها بوصفها المتهم الأول بالإرهاب ومعاداة الديمقراطية ؛ ومن هنا سيكون الهدف الأساس لهذه الدراسة هو مناقشة الاستجابة الإسلامية لتحدي الإكراه الديمقراطي الأمريكي والمتراوحة بين الشورى والديمقراطية والصورة المقترحة للاستجابة الأقدر على التعبير عن الهوية الحضارية للمجتمع الإسلامي والأكثر ملائمة لمتطلبات مشروعه النهضوي ؟

الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 - 1_201182_20334
إشكالية السياسة والديمقراطية في الفكر الإسلامي..

تمثل السياسة بمعنى حكم الجماعة الإنسانية وإدارة شؤونها، واتخاذ القرارات العامة المتعلقة بحماية وجودها وإدامة قيمها وضمان مصالحها وتحقيق أهدافها واستثمار قدراتها، وتنظيم علاقاتها وتفاعلاتها وتوجيهها في الداخل والخارج، والسلطة بمعنى قدرة إرادة ما على التحكم في إرادة أو إرادات أخرى وتوجيهها سواء اقترنت هذه القدرة بالشرعية والقبول أو افتقرت إليهما، ظاهرتين متكاملتين وإشكاليتين متلازمتين كانتا وستبقيان دائما في صلب كل وجود وتفكير إنساني. والعلة في ذلك هي أن كل وجود إنساني هو وجود اجتماعي وكل وجود اجتماعي هو وجود سياسي وكل وجود سياسي هو وجود سلطوي ينقسم فيه المجتمع إلى حكام ومحكومين حتى عندما يحكم الناس أنفسهم بشكل مباشر، لأنهم سيكونون عندها حكاما بقدر ما يمارسون سلطة الحكم ومسؤولياته، مثلما سيكونون محكومين بقدر ما يخضعون لسلطة الحكم التي يمارسونها ويطيعون قراراتها. سواءاً نصت المصادر الإسلامية الدينية (القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة) على ذلك التلازم الأكيد والدائم بين المجتمع والسياسة والسلطة أم لم تنص عليه، فإن المجتمعات الإسلامية لا يمكن أن تُستثنى منه بأي حال من الأحوال، يؤكد ذلك ويثبته وجود السلطة السياسية فيها بأشكال وصور متعددة ومتنوعة، وانصراف جزء كبير من نتاجات المفكرين المسلمين قديما وحديثا إلى دراسة أحوال هذه المجتمعات من وجهة نظر العلاقة بين الظاهرتين الاجتماعية والسياسية وإشكالاتهما. وإذ استندت تلك النتاجات الفكرية السياسية الاجتهادية الإنسانية في مقدماتها ونتائجها إلى العقيدة الإسلامية وتجربتها التاريخية الاجتماعية السياسية، فقد أوحى ذلك لمنتجيها أو من وافقهم على آرائهم بتلبس السياسة وتطبيقاتها في المجتمعات الإسلامية لبوسا إلهيا غيبيا مطلقا. ساعدت على ذلك وشجعت عليه الظروف التاريخية الاجتماعية التي جعلت الإسلام في تجربته المعاشة أكثر الأديان التوحيدية تجسيدا لواقعة الارتباط بين الدين والسياسة بعد أن قامت دولته الأولى في حياة نبيه (صلعم)، ثم استمرت بعد وفاته ولما يقرب من ثلاثة عشر قرنا من الزمان. وإذا ما كانت تلك الدولة قد نشأت في بداياتها النبوية لأسباب دينية وقامت على أسس دينية، بقدر ما هي أيضا أسباب وأسس اجتماعية بما جعل منها في طوريها النبوي والراشدي دولة تخدم الدين وتحقق أهدافه وتدافع عنه وتعمل على نشره. فقد تغيّرت طبيعة تلك الدولة في المراحل اللاحقة بتأثير مسارات التطور الاجتماعي التاريخي لتصبح دولة تستغل الدين لخدمة مصالحها وترسيخ سلطانها وتوسيع رقعتها وزيادة فيئها وغنائمها وتستعمله لإضفاء الشرعية الدينية المقدسة على حكامها وحكوماتها وسياساتها. وبذلك كانت الدولة الإسلامية في حقبتها التأسيسية الأولى (النبوية والراشدية) تجسيدا لهيمنة الديني على السياسي أو الإلهي على البشري وغلبته عليه وتطويعه لإرادته وتوظيفه لخدمته، بقدر ما كانت في حقبتها التوسعية الثانية، وبكل عصورها ونماذجها، تجسيدا لهيمنة السياسي على الديني أو البشري على الإلهي وغلبته عليه وتطويعه لإرادته وتوظيفه لخدمته. وليس هذا بالأمر الجديد على الممارسة البشرية ولا هو بالخاص بتجربة الدولة في المجتمعات الإسلامية أو المقتصر عليها، فذلك ما آلت إليه الأمور في كل التجارب الإنسانية التاريخية التي انتهت كل أوجهها وجوانبها إلى غلبة السياسي على الديني أو البشري على الإلهي في كل واقعة تحقق فيها فعل الاتصال والارتباط بين الأرض والسماء، الدين والسياسة. فمهما كان الدين مهيمنا على السياسة في بداية كل تجربة من تجارب التاريخ الإنساني ومسيطرا عليها بقيمه الإلهية ومتحكما فيها بأخلاقياته المبدئية وأهدافه المثالية، كانت الأمور تنتهي بينهما إلى عكس ما ابتدأت تماما لتتقدم السياسة على الدين فتسيطر عليه بقيمها البشرية وتتحكم فيه بأخلاقياتها المصلحية وأهدافها المادية. يؤكد هذا الزعم ويدعمه التمييز الذي يقيمه الإمام ابن تيمية بين الخلافة التي يراها خلافة للنبوة مستوفية للشروط الشرعية ومدتها ثلاثون عاما بعد وفاة الرسول(صلعم) بما يقصرها عنده على عصر الخلفاء الراشدين فحسب، والملك الذي يراه شاملا لكل من تولى أمر المسلمين من الحكام بعد ذلك العصر لأنهم مفتقرون في رأيه إلى الشروط الشرعية لخلافة النبوة التي لم يعد لها في عصورهم من وجود إلا بالاسم فقط، أما واقع الحال فملك أساسه الغلبة يعض عليه أهله بالنواجذ وهذا في رأيه حال من ولي الأمر من الأمويين والعباسيين والفاطميين(1).

ويرتبط ظهور إشكالية السياسة في الإسلام في العصر الحديث بإلغاء الكماليين في تركيا للخلافة والجدل الذي نشأ بعد ذلك بسببه حول علاقة الإسلام بالسياسة، الدين بالدولة، واختلاف الآراء في هذا الشأن. فقد ذهب بعض المفكرين إلى عدم تضمن الشريعة الإسلامية لأية نظرية واضحة ومحددة ومتكاملة العناصر والأركان بشأن طبيعة النظام السياسي الإسلامي ولا خصائصه ولا أسلوب الحكم فيه، وأن المصادر الإسلامية الدينية (القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة) لم تتناول بالتحديد والتفصيل والتنظيم لا موضوع السلطة السياسية ولا شكل وأسلوب ممارستها في المجتمع الإسلامي. فضلا عن أن هذه المصادر لا تتضمن في اعتقادهم لا آية قرآنية ولا سنة نبوية تتفق كل فرق المسلمين ومذاهبهم على الجزم بأن أيا منهما، أو كليهما، يرتب ترتيبا واضحا وحاسما ومحددا لنظام الحكم في الإسلام أو يحدد طبيعة الحكام وصفاتهم وواجباتهم وحقوقهم وسبل اختيارهم ومحاسبتهم وتغييرهم من منظور إسلامي(2). ولكن مفكرين آخرين ذهبوا إلى خلاف ذلك تماما عندما أكدوا أن الإسلام دين ودولة، وأن ما هو ديني فيه لا ينفصل عما هو اجتماعي أو سياسي، ومن ثم فإن الصلة في الإسلام في رأيهم محكمة بين الدين والسياسة وأن ذلك من أبرز خصائصه كعقيدة دينية وتجربة تاريخية عملية(3). وفي ضوء ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأخير، ومن دون نسيان السوابق السياسية النظرية المتعددة والمختلفة التي أرسى أسسها مفكرون إسلاميون ينتمون إلى المدارس الفقهية والكلامية والفلسفية والتاريخية الاجتماعية الإسلامية المتنوعة(4)، فقد تبلور منذ بداية عصر النهضة الإسلامية الحديثة في منتصف القرن الميلادي الثامن عشر خطاب إسلامي سياسي تبنى فكرة أن الإسلام دين ودولة وسعى إلى تطبيقها. وتمتع هذا الخطاب بقوة دفع حركي عالية وتأثير عميق في قطاعات واسعة من كل الأوساط الإسلامية بحكم جاذبيته الطبيعية الأصلية الناجمة عن ملامسته لأعمق مكامن الحس الديني في النفس البشرية من جهة، ولما ينطوي عليه من جهة ثانية من وعود بتكرار أنموذج الدولة الدينية العادلة المستندة إلى الشريعة الإلهية والعاملة بها في عصري النبوة والخلافة الراشدية بكل ما في ذلك الأنموذج من عناصر ايجابية خيّرة، وكونه من جهة ثالثة يبشر بأنموذج لم يتم تطبيقه فعليا في العصر الحديث ولا عانى من سلبيات الفشل في تحقيق الأهداف والعجز عن الوفاء بالعهود والنكث بالوعود التي عانت وما زالت تعاني منها كل نماذج الخطابات السياسية الدنيوية الأخرى. وفي إطار الأنموذج المثالي للدولة الدينية الإسلامية ومبادئها وسياساتها، يرد مفهوم (الشورى) ويُستعمل في بعض أنواع الخطاب الإسلامي السياسي، إن لم يكن في كل أنواعه، كمرادف إسلامي لمفهوم الديمقراطية الغربي الذي يشير إلى نظام الحكم القائم على تولي المجتمع لمهمات الحكم ومسؤولياته بشكل مباشر، وفقا للتطبيق الذي كان سائدا في المجتمع الإغريقي في العصور القديمة، أو بشكل غير مباشر وفقا للتطبيق السائد الآن في المجتمعات الديمقراطية الليبرالية الغربية. ولكن المقارنة بين الشورى والديمقراطية تُظهر أن الأولى هي الأقل وضوحا وتحديدا والأكثر إثارة للاختلاف بشأن كل مفرداتها وتطبيقاتها على المستويين المفاهيمي والتطبيقي. حيث ينصرف مصطلح الشورى في جذره اللغوي إلى معنى البحث عن الأفكار والآراء واستخلاصها من خلال الحوار والمناقشة مع الآخرين، وهو يعني أيضا الأمر الذي يجري التشاور بشأنه، أما الجذر الاصطلاحي السياسي للشورى فينصرف إلى معنى استطلاع رأي الأمة في المسائل المتعلقة بشؤونها العامة لمعرفة موضع إجماعها بشأن تلك الأمور مباشرة أو من خلال من ينوب عنها ويتحدث باسمها، فالعقول إذا تشاورت اتضحت أمامها السبل وبانت الخيارات لتنتهي بها هذه الشورى إلى الاتفاق على الخيار الأرجح والأفضل لتوافقه من جهة مع أحكام الشريعة أو على الأقل عدم تعارضه معها، وتلبيته من جهة ثانية لاحتياجات الإنسان وتأمينه لمصالحه وتحقيقه لأهدافه.

إلا أن مفاهيم الخطاب الإسلامي السياسي وتطبيقاته مستمدة أصلا وبالأساس من المرجعين الدينيين القدسيين (القرآن والسُنة) قبل أن تكون مستمدة من الأصول اللغوية والاصطلاحية. وقد وردت كلمة الشورى في القرآن الكريم في موضعين فقط فجاءت في الآية 38 من سورة الشورى في صيغة الوصف الامتداحي لمجتمع المؤمنين الذي يقول عنه الله تبارك وتعالى (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم). وجاءت في الآية 159 من سورة آل عمران في صيغة الأمر الموجه إلى الرسول (صلعم) حيث يخاطبه تبارك وتعالى فيقول (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)، وتحتمل الأوامر الإلهية الموجهة إلى الرسول (صلعم) الاختصاص به من دون غيره مثلما تحتمل أيضا شمول العموم بها من بعده. أما في السُنة النبوية المشرفة فهناك الكثير من الأدلة والأمثلة القولية والفعلية والتقريرية على استشارة الرسول (صلعم) للصحابة في الشؤون الدنيوية والدينية التي لم يأته بشأنها وحي إلهي كطلبه المشورة بشأن موضع نزول جيش المسلمين في غزوة بدر وأسرى المشركين فيها وبشأن حفر الخندق في غزوة الخندق وفسخ الاتفاق مع قادة غطفان فيها. ومن ثم فإن إدارة الرسول (صلعم) للمجتمع الإسلامي الوليد ودولته الناشئة قد قامت في ركن أساسي منها على الشورى ليس في شؤون الدنيا فحسب بل وفي شؤون الدين أيضا مما لم ينزل به وحي الله، مع احتفاظه (صلعم) لنفسه في النهاية بحق طلب المشورة أو عدم طلبها، وحق أخذ أو ترك كل أو بعض ما انتهت إليه المشورة بعد طلبها. وإذ لا تعتمد نتاجات المفكرين المسلمين، بما في ذلك الجزء السياسي منها، على المصادر الإسلامية الدينية الإلهية الأساسية فقط، بل وتعتمد أيضا على المصادر البشرية الفقهية الاجتهادية الفرعية، فإنها تأخذ عن هذه المصادر الفرعية ما يتعلق بتطبيقات الشورى التي كان يأخذ بها أعلام الصحابة والتابعين في كثير مما يهم المسلمين من شؤون دينهم ودنياهم مما ليس لديهم به أو بتفسيره علم من الوحي أو السُنة. ويبدو أن الخلفاء الراشدين وفي إطار ممارستهم للشورى لم يجدوا فيما لهم به علم من الأحكام الدينية ما يمنعهم من الاجتهاد لابتكار أنظمة وسياسات وتطبيقات جديدة لم يجدوا بشأنها وحيا ولا سُنة ولا كان للمجتمع الإسلامي ودولته سابق علم بها ولا تطبيق لها، مثلما أنهم لم يجدوا أيضا فيما لهم به علم من الأحكام الدينية ما يمنعهم من اقتباس بعض من تلك الأنظمة والسياسات والتطبيقات عن الأمم الأخرى غير المسلمة. فأخذوا بنظام الدواوين ووضعوا أنظمة للجيش والمالية والوزارة وقسموا البلاد إلى ولايات وأعمال مما يمكن أن يُعد من اجتهادات الخلق لتدبير شؤونهم وتسيير أحوالهم، وهو أمر عايشه كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء وتعاطوا معه من دون أن يرى فيه أحدهم أمرا يخالف الشرع الإلهي أو يتعارض معه، ولم نسمع أن أحدا منهم وصف شيئا من ذلك بأنه بدعة أو رفض الأخذ به بحجة عدم ورود نص صريح بشأنه في الوحي أو السُنة.

ويتجاوز اختلاف المسلمين أفرادا ومذاهب ومدارس فكرية بشأن الشورى و حدود دلالاتها المفاهيمية ليمتد فيشمل أيضا اختلافهم على أسلوب ممارستها، ووسائل تطبيقها، وصفة وعدد المؤهلين لتقديمها أو المشاركة فيها، إذ لم تتضمن آيتا الشورى في القرآن الكريم أية تفاصيل تتعلق بذلك(5). وإذا ما كانت إحدى القواعد الفقهية تفيد بأنه (لا اجتهاد في موضع النص)، فإن هذه القاعدة ذاتها تُنتج أو تولّد قاعدة أخرى ضمنية معاكسة لها تقول بأنه (لا بد من الاجتهاد فيما ليس فيه نص). فغياب النص الديني في شأن ما يستدعي اجتهاد الأمة أو من يلي أمرها في هذا الشأن، بقدر ما أن تغير الأزمان والأحوال هو الآخر يستدعي تغيير مضمون هذا الاجتهاد لأنه في الأصل نتاج بشري وليس نصا دينيا مقدسا. فإذا لم يكن للخلق أن يغيروا النصوص الدينية الإلهية (القرآن والسُنة)، فإن لهم بالتأكيد أن يغيروا اجتهاداتهم الفقهية البشرية وإلا فإن القول بعدم جواز تغيير هذه الاجتهادات وثباتها الدائم والمطلق سيجعلها مماثلة للنص الديني في صلاحيته لكل زمان ومكان بما يؤسس لجعلها مماثلة لهذا النص في قدسيته وأزليته أيضا. ويتسع الخلاف الإسلامي حول الشورى ويمتد ليشمل أيضا مسألتين أساسيتين أخريين فيها هما:

ـ وجوب أو عدم وجوب طلب الشورى.

ـ إلزامية أو عدم إلزامية الأخذ بالرأي الناتج عن الشورى بعد طلبها.

أما بالنسبة لمسألة طلب الشورى فقد انقسمت آراء المسلمين بشأنها بين الندب والوجوب، ومن قال بالوجوب استند في ذلك إلى مصدرين أساسيين ومصدر ثالث فرعي:

ـ المصدر الأساسي الأول ؛ للقول بوجوب طلب الشورى، هو نصوص الآيتين الكريمتين (وشاورهم في الأمر) و (أمرهم شورى بينهم) ولهذا المصدر بُعدان مباشر وغير مباشر. فالبعد المباشر يرتبط بتفسير الآية الكريمة (وشاورهم في الأمر) ولهذا التفسير وجهان، الوجه الأول هو القول بأن الرسول (صلعم) كان بفضل الوحي مستغنيا عن طلب المشورة مما يجعل هذه الآية موجهة أساسا لتعليم الناس وتوجيههم للأخذ بالشورى في إدارة شؤونهم وتدبير أحوالهم مما يعني شمولها ليس فقط لكل من ولي أمر المسلمين بعد الرسول (صلعم) بل وشمولها لكل المسلمين أيضا. وتؤسس للوجه الثاني لتفسير هذه الآية القاعدة الفقهية القائلة بأن (ما أريد به الخصوص أريد به العموم)، أي أن ما أُريد به الرسول في هذه الآية من الأمر الإلهي بمشاورة الخلق يراد به أيضا عموم المسلمين مما يوجب عليهم الأخذ بالشورى. أما البعد غير المباشر للمصدر الأساسي الأول للقول بوجوب الشورى فيرتبط بتفسير الآية الكريمة (وأمرهم شورى بينهم) التي تنطوي على وجوب ضمني غير مباشر لأخذ المسلمين في حياتهم بالشورى بعد أن جعلها الله سبحانه وتعالى وصفا تمييزيا امتداحيا للمؤمنين بدلالة أخذهم بها وتطبيقهم لها، ولا تمييز ولا امتداح من دون ثبات ودوام صفة التمييز الامتداحي بالنسبة للمُميز بدلالة تلك الصفة والمُمتدح بسببها.

ـ المصدر الأساسي الثاني ؛ للقول بوجوب طلب الشورى، هو سُنة الرسول (صلعم) في أخذ الشورى في كثير من الشؤون الدينية والدنيوية مما لا يخفى أمره على المتأمل في السُنة النبوية المشرفة.

ـ المصدر الفرعي ؛ للقول بوجوب طلب الشورى، هو ما ينصرف إلى ما جرى عليه الصحابة والتابعون من الأخذ بحكم الله تعالى وسُنة الرسول (صلعم) في طلب الشورى في شؤون حياتهم العامة والخاصة.

إلا أن كل ما جاء في القرآن الكريم والسُنة النبوية وأعمال الصحابة والتابعين مما يؤسس صراحة أو ضمنا للقول بوجوب طلب الشورى لم ينسحب بالقدر نفسه على مسألة إلزامية حكم الشورى لمن طلبها، فإذا كان هناك القليل من الأدلة على وجوب طلب الشورى فالأدلة على إلزامية أحكام الشورى ونتائجها بعد طلبها أقل من ذلك بكثير. وبين الندب والوجوب والإلزام وعدم الإلزام انقسمت آراء المسلمين وما زالت منقسمة حول الشورى مما يعني أن كل عناصرها المفاهيمية والتطبيقية لا تزال وحتى يومنا هذا من المسائل الخلافية التي لا يوجد بشأنها لا رأي جازم قاطع ولا جواب نهائي حاسم. إلا أن اختلاف آراء المسلمين حول كل ما يتعلق بالشورى من تفاصيل، وتباين أدلتهم التي يؤسسون عليها تلك الآراء ليس بالأمر السلبي كليا، فهو يعني أيضا وفي النهاية وجود فسحة من الحرية أمامهم تسمح لهم باختيار مفهومهم أو مفاهيمهم الخاصة للشورى مثلما تسمح لهم أيضا باختيار شكل تطبيقاتهم لها، وأن بمقدورهم إلزام ولاة أمرهم بالأخذ بالشورى وتطبيق أحكامها أو أن لهم ألا يفعلوا ذلك. فإذا أخذنا بالاعتبار أن عموم المجتمعات الإنسانية ومن بينها المجتمعات الإسلامية باتت تسعى جاهدة لأن يكون لها دور حقيقي وفاعل في صنع السياسة في مجتمعاتها وتنفيذها والرقابة عليها، سواء أكانت التسمية المعتمدة لهذا الدور هي الشورى أو الديمقراطية أو المشاركة السياسية الشعبية، أدركنا مدى الحاجة لتوسيع مفهوم الشورى وتطبيقاته في الإسلام وضرورة دفعها نـحو الوجوب من جهة وإلزامية أحكامها لمن طلبها من جهة ثانية. ولكن آراء ممثلي الأشكال المتعددة والصيغ المختلفة للخطاب الإسلامي السياسي تراوح في مواقفها من الشورى والديمقراطية بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، إذ ذهب بعض هؤلاء إلى القول بأن ما تحتاج إليه المجتمعات الإسلامية هو الشورى وليس الديمقراطية(6)، مؤسسين ذلك على قولهم بالقطيعة الكاملة بين مفهوم الشورى وتطبيقها الإسلاميين ومفهوم الديمقراطية وتطبيقها الغربيين ليرفضوا الديمقراطية على هذا الأساس جملة وتفصيلا بل وحتى تسمية لأنها في رأيهم “نظام لم تأت به العقيدة الإسلامية”(7)، ليوجبوا علينا كمسلمين أن نقف من الديمقراطية “موقفنا من كل ما أحدث في الإسلام مما هو ليس منه فنرده ولا نأخذ به ونعده كفرا بواحا”(Cool. وذهب مفكرون إسلاميون آخرون إلى خلاف ذلك تماما بقولهم بالتوافق بين الإسلام والديمقراطية، حيث يرى أحدهم أن “الإسلام أبو الديمقراطية”(9)، ويقول آخر أن “ما كان عليه الخلفاء الراشدون الأربعة، وهو أشد صور الحكم الإسلامي انطباقا على الشرع، لنراه شعبيا محضا وديمقراطيا بحتا”(10). وبقدر ما غالى أصحاب الرأي الأول في معارضتهم للديمقراطية ورفضهم لها متناسين مرونة الشريعة الإسلامية وقدرتها على الاستجابة للمستجد من الأحوال مما تؤكده كثرة وتنوع الاجتهادات الفقهية في التراث الإسلامي الاجتماعي عامة والسياسي خاصة والتي جاءت بما (لم تأت به العقيدة الإسلامية) فلم يرده من عاصره من الصحابة وأهل السابقة في الإسلام ولا أعلام التابعين ولم يعده أحد منهم (كفرا بواحا) يتوجب رده وعدم الأخذ به. فقد بالغ أصحاب الرأي الثاني في تبنيهم للديمقراطية ومحاولتهم لمطابقتها مع مفهوم الشورى الإسلامي وإدماجها فيه مهملين بذلك خصوصيتها والطبيعة المميزة لها من حيث هي مفهوم عام غير محدد العناصر والأبعاد لكنه في النهاية مفهوم محكوم بسياقه الديني العقائدي العام وخاضع لخصائصه. وبين هذين الموقفين فصلت فجوة حاول مفكرون آخرون ردمها أو على الأقل تجسيرها بقول أحدهم أن للإسلام نظامه الخاص الذي أسماه النظام النوموقراطي (نظام حكم الشرع/ نظام حكم القانون) لأن الحاكم في هذا النظام هو النوموس (الشرع/ القانون) مما يجعل دولة الإسلام في رأيه دولة حكم القانون في الجماعة، ولما كان القانون أو الشرع الحاكم في هذه الجماعة قانونا أو شرعا إلهيا فستكون دولة الإسلام إذا محكومة بالنوموس/ القانون أو الشرع الإلهي(11). وذهب رأي آخر إلى أن بين الإسلام والديمقراطية أوجها للتشابه والاختلاف في آن واحد من دون أن يمنع ذلك من القول إن الإسلام يشتمل على “أهم ما تحتوي عليه الديمقراطية من عناصر وأفضل ما تتميز به من صفات”(12).

الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 - 2012-634805549549518040-951_thumb300x190
[justify]الحاكمية الإلهية والديمقراطية في الإسلام..

لقد كانت اختلافات المسلمين أفرادا وفرقا ومذاهب وخلافاتهم حول كل التفاصيل المتعلقة بالسياسة والسلطة في الإسلام وما تزال مشكلة تحتاج إلى الحل، وتزايدت الحاجة لهذا الحل الآن نتيجة لظهور عاملين مستجدين أحدهما داخلي والآخر خارجي هما:

العامل الداخلي: انتشار فكرة الحاكمية الإلهية والمشروع السياسي المعبر عنها والمرتبط بها بكل ما يرافق ذلك من نمو الاتجاهات الإسلامية المتشددة والعنيفة واتساع نطاقها.

العامل الخارجي: تحدي سياسة الإكراه الديمقراطي الأمريكية وما يرافقها من تدخل عسكري مباشر في العديد من البلدان الإسلامية.

أما بالنسبة للعامل الداخلي، فإن الحاكمية مصطلح حديث دخل الأدبيات الإسلامية مع منتصف القرن العشرين كترجمة للمصطلح الغربي (Soveregnity) الذي تترجمه المصادر العربية عادة إلى السيادة. ويرى القائلون بالحاكمية أنها تعني أن تكون السيادة في المجتمع والدولة لله سبحانه وتعالى لأنه الحاكم لهما وعليهما ومصدر كل سلطة وتشريع فيهما، أما الديمقراطية فتعني أن تكون السيادة في المجتمع والدولة للخلق لأنهم الحاكمون لهما ومصدر كل سلطة وتشريع فيهما. وفي ضوء ذلك، فإن الاستجابة الإسلامية الإيجابية لتحدي سياسة الإكراه الديمقراطي الأمريكية بما لا يخرج عن مفهوم الحاكمية الإلهية ولا يؤدي إلى إقامة دولة دينية يكون الحاكم فيها مقدسا ومطلق الإرادة، تستدعي مثل هذه الاستجابة وتتطلب إقامة نظام سياسي قادر على حل خلافات المسلمين واختلافاتهم المستمرة والعميقة حول المسألة السياسية من جهة والجمع من جهة أخرى بين حاكمية الله تعالى وحق المجتمع في أن يكون له دور حقيقي في تحديد طبيعة نظام الحكم وسياساته وقراراته. حيث يمكن لمثل هذا النظام:

ـ إن يحافظ على الهوية التاريخية والحضارية للأمة.

ـ إن يوفر للأمة الفاعلية والأهلية اللازمتين لتلبية مستلزمات نجاح مشروعها النهضوي.

ـ إن يزود الأنظمة الحاكمة في المجتمعات الإسلامية بشروط الشرعية والاستقرار التي تؤهلها لمواجهة تحدي الإكراه الديمقراطي الأمريكي والتصدي له ويحرم كل الأطراف الإقليمية الدولية من مبررات التدخل في شؤون هذه الدول بذريعة حماية هذه القومية أو ذلك الدين أو تلك الطائفة أو حجج التصدي للاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان ودعم الإرهاب.

والعقل الإسلامي المعاصر ومن ورائه كل أشكال خطاباته السياسية قادر على خلق مثل هذا النظام ولكن بشرط اعترافه أولا بحق الآخر في الوجود والاختلاف في الرأي والتعبير عنه والاستعداد للتعايش والتحاور معه، وقبوله ثانيا بالمزاوجة بين مبدأي الحاكمية الإلهية في التشريعات والأحكام الكلية العامة والحاكمية الشعبية في التشريعات والأحكام الجزئية الخاصة. فقد قَبِلَ هذا العقل وخطابه السياسي في الماضي وما زال يقبل اليوم بحق الحاكم أو ولي الأمر أو الأمير أو الخليفة في التشريع في الجزئيات مما لم يُفصّلهُ التشريع الإلهي أو لم يَرِد فيه تشريع أصلا، فلماذا لا يقبل الآن بنقل هذا الحق من الحاكم إلى المجتمع وهو المقصود المعني الأول والأخير بهذا التشريع؟ وليست هذه المزاوجة بالشيء المستحيل، فهذان المبدءان ليسا متناقضين أو متعارضين بالضرورة وليس من المحتم أن يكون وجود أحدهما نفيا للآخر أو إلغاءاً له. إذ لا يمنع الإقرار بالحاكمية أو السيادة الإلهية في الأول والآخر ومن قبل ومن بعد من إدراك اللطف الإلهي الكامن في الطبيعة الكلية العامة للجزء الأعظم من التشريعات والأحكام في المصدرين الدينيين الإلهيين (القرآن والسُنة) بما يترك الحاكمية أو السيادة في الشؤون الجزئية التفصيلية لاجتهادات الخلق وتقديراتهم لما يناسب المتغير والمستجد من شؤونهم على ألا يخرجوا في ممارستهم لحاكميتهم الفرعية عن قاعدة الخضوع للحاكمية الكلية العامة للشريعة الإلهية. إن الطبيعة العامة والمطلقة لغالبية الأحكام في المصدرين الدينيين الإلهيين (القرآن والسُنة) بما يجعلها صالحة لكل زمان ومكان، مشروطة أولا وأساسا بقدرتها على استيعاب الكم والنوع الهائلين من المتغيرات والمستجدات في الحياة الإنسانية ومعالجتها في ضوء مقتضيات المجتمع وظروف العصر من دون التقاطع مع المبادئ والإحكام العامة للشريعة. ويجد هذا برهانه ودليله في قلة الأحكام الشرعية الكلية في المصادر النصية الإلهية المقدسة وإجمالها في الغالب مما اقتضى وتطلب كثرة مقابلة في الأحكام الجزئية في مصادر البناء القانوني الفقهي البشري وتفصيلها في الغالب. فالتشريع الإلهي الكلي العام مما يدل ظاهر لفظه على دقيق أحكامه هو تشريع إلهي المصدر قليل العدد صالح لكل زمان ومكان، أما الأحكام الفقهية التي استنبطها البشر من التشريع الإلهي على قدر علمهم، فهي تشريعات اجتهادية جزئية خاصة بشرية المصدر كثيرة العدد لا تصلح إلا لزمان ومكان محددين. وتعود الطبيعة المحدودة زمنيا ومكانيا للأحكام الاجتهادية الفقهية البشرية إلى أربعة عوامل متداخلة ومتفاعلة أسهمت في إنتاج هذه الإحكام وهي:

1. المستويات والأشكال المتعددة والمتنوعة للفهم والتفسير البشري للتشريع الإلهي الكلي في مقدماته ونتائجه ومقاصده.

2. المصادر المركبة الدينية الإلهية (القرآن والسُنة النبوية) والفقهية البشرية (اجتهادات آل البيت والصحابة والتابعين، الإجماع، القياس، عمل أهل المدينة، الاستحسان، الاستصحاب، المصالح المرسلة…الخ) والتي تم الجمع بينها بطرائق وأساليب مختلفة واستعملت النتائج المتنوعة لذلك الجمع لاستنباط أحكام اجتهادية فقهية متعددة ومتنوعة.

3. الأدوات والأساليب والقواعد الفقهية المتعددة والمتنوعة التي ابتكرها البشر ثم استعملوها في استنباط أحكامهم الاجتهادية الفقهية من مصادرهم المركبة.

4. الاحتياجات المتنوعة والمستجدة للمجتمعات الإسلامية التي ينتمي إليها المجتهدون وما اتسم به هؤلاء من اختلاف في طرائق الفهم والتفسير والاستنباط في إطار وحدة النصوص الشرعية وثباتها مما أدى إلى تعدد وتنوع الاجتهادات الفقهية بشأن المسائل المتماثلة ليس بين أتباع المذاهب الفقهية المختلفة بل واختلافها أيضا حتى بين أتباع المدرسة الفقهية الواحدة. وإذ تؤسس لهذه النتيجة مقدمة أولية تفيد بأن الأحكام الاجتهادية الفقهية ليست في النهاية دينا أو تشريعا إلهيا بقدر ما هي تشريع بشري مستمد من مصدر إلهي. فسيكون بالإمكان القول بأن أساس أنموذج النظام السياسي المقترح وعماده هو الإقرار المركب بأن الحاكمية أو السيادة العليا في أي مجتمع إسلامي هي لله تعالى من قبل ومن بعد في شؤون الدين عامة وخاصة وفي شؤون الدنيا عامة مما جاء فيه وحي إلهي أو ثبتت فيه سُنة نبوية، وأن الحاكمية أو السيادة للخلق في شؤون الدنيا الكثيرة والمتنوعة والمتغيرة يُشرّعُون فيها ما يشاءون من الأحكام لحفظ مصالحهم وتحقيق أهدافهم من دون أن يخرجوا في ذلك عن المبادئ العامة للدين والأحكام الكلية للشريعة مما لا يختلف عليه المسلمون وإن اختلفت فرقهم ومذاهبهم. وفي ضوء ذلك ومن خلاله سيكون بمقدور كل مجتمع إسلامي أن يجتهد لنفسه فيما ليس فيه نص شرعي إلهي واضح وجلي ومتفق عليه من القرآن أو السُنة وأن يمارس في ذلك الاجتهاد أنموذجا لاستطلاع الاتجاهات الأساسية للرأي العام يتحدد فيه موقف الأغلبية وتستجيب له السلطة والأقلية المعارضة على حد سواء. وعلى الرغم من أن هذا هو أهم أسس الديمقراطية وأول أركانها، فليس من اللازم شرطا وحتما لا تسمية هذا النظام بالديمقراطي ولا تطبيقه وفقا للأنموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي. إذ لا إلزام لا في المسميات ولا في التطبيقات طالما أن المجتمعات الغربية نفسها لم تأخذ كلها بأنموذج واحد للديمقراطية حيث أنتج كل مجتمع منها وطور وطبق أنموذجه الخاص لها تبعا لظروفه واستنادا إلى مرجعياته الفكرية والتاريخية الخاصة. ولكن الرغبة لا تكفي وحدها لتحقيق الأهداف، فهناك دائما مشكلات تمنع تجسيد الرغبة في واقع عملي ملموس، ويشير واقع الحال إلى أن أخطر مشكلات ربط مبدأ الحاكمية الإلهية بالديمقراطية في الإسلام هي:

1. إن الاتجاهات الإسلامية عموما والسياسية المعاصرة منها خصوصا، ومن دون تلمس أي فارق يذكر بينها، تتعاطى مع الأفكار والوقائع وتستجيب للتغيرات والمستجدات وفقا لمنطق يستند إلى قاعدتين مركبتين ومتلازمتين هما:

ـ المرجعية القدسية التاريخية.

ـ الأنموذجية المثالية التاريخية.

وواضح تماما في هاتين القاعدتين الحضور المفرط للتاريخ وقدرته على التأثير فيهما سلبا أو إيجابا تبعا لأسلوب وأدوات فعله فيهما وتفاعله معهما. فالتجربة التاريخية الإسلامية في حقبتيها النبوية والراشدية هي المرجعية القيمية المثالية لكل أشكال الخطاب الإسلامي السياسية وغير السياسية، القديمة والحديثة والمعاصرة، المعتدلة والمتشددة، السلمية والعنيفة. وتكتسب هذه التجربة - الأنموذج بالنسبة لمن يتبناها ويستند إليها قدسية مستمدة من مرجعيتها القدسية المرتبطة بشخص النبي (صلعم) وعصره وامتدادها البشري في شخص الخلفاء الراشدين وعصرهم، سواء كلهم أو بعضهم وفقا للاتجاهات المذهبية الإسلامية المتنوعة. وبدلالة هذا المزيج التاريخي المركب من المرجعية القدسية والأنموذجية المثالية وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة في الاتجاهات الإسلامية وطرائق تفكيرها، أصبح أسلوب ممارسة السلطة السياسية في العصرين (النبوي والراشدي) وأدوات تلك الممارسة وقيمها ومؤسساتها هو المثال المتسامي المنشود للسلطة والحكم الذي يغادر منظرو الخطاب الإسلامي السياسي أرض واقعهم واحتياجات مجتمعاتهم ومقتضيات عصرهم ليحلقوا في عالم المُثل بحثا فيه وعنه. لذلك تتخذ معظم نتاجات هذا الخطاب طابع الدعوة إلى ما يجب أن يكون عليه هذا المثال وتهمل البحث فيما هو كائن فعلا وسبل علاج ما هو معتل من أوجه هذه الكينونة الواقعية الحية وجوانبها، ومن ثم فقد أصبحت أغلب صور هذا الخطاب وصياغاته معالجة مثالية لواقع عياني ومنظورا تاريخيا سلفيا لواقع حي معاصر بدلا من أن تكون معالجة عيانية لواقع عياني وتمثلا معاصرا لواقع تاريخي مثلما يقول منطق الأشياء ويفترض مسار الأحداث.

2. إن النظر إلى السياسة مفهوما وممارسة بوصفها فنا للممكن أمر يستدعي من قوى الخطاب الإسلامي السياسي خاصة وعموم قوى الخطاب العربي السياسي العمل على إعادة صياغة مفاهيمها بخصوص مفهوم الشورى الإسلامي لدفعه نـحو الوجوب والإلزام في آن واحد. فليس من مسلم يرفض الدعوة للحاكمية/ السيادة الإلهية أو حتى يفكر في رفضها، إلا أن على المسلمين تحديد معاني هذا المبدأ وشروطه والاتفاق عليها، وإلا فإن من سيجعل من هذا المبدأ شعار له ويزعم سعيه لتطبيقه من دون تحديد مضمونه وشروطه، سيكون قادرا باسمه وبحجة حمايته على احتكار السلطة والانفراد بحق اختيار الأسلوب الذي يراه مناسبا لتفسير الأحكام الإلهية الشرعية وتطبيقها. وإذ يعلم الجميع يقينا أن الأحكام الشرعية في الإسلام واحدة في نصوصها وأصولها الدينية الإلهية المقدسة لكنها متعددة ومتنوعة في تفسيراتها وتطبيقاتها الاجتهادية المذهبية البشرية، وأن كل صاحب مذهب رئيسي أو فرعي في الإسلام يعتقد أنه على صواب وغيره على خطأ، وإلا لما كان اختلف في اجتهاداته مع أصحاب المذاهب الأخرى وباينهم في آرائهم، فسيكون تفسير الأحكام الشرعية وتطبيقها في أي مجتمع إسلامي محكوما بالرؤية المذهبية التي يتبناها الممسكون بزمام السلطة المتحكمون بمقاليدها بما يجعله حتما وحكما تفسيرا وتطبيقا مذهبيا مخالفا لما يراه أصحاب الرؤى المذهبية الأخرى في هذا المجتمع أو في غيره من المجتمعات الإسلامية. وينطبق هذا على كل الاتجاهات المذهبية الإسلامية الأساسية القائمة اليوم مثلما ينطبق أيضا على كل المذاهب الفرعية ضمن هذه الاتجاهات المذهبية الأساسية طالما أن كل مذهب أساسي منها ينقسم داخليا إلى مذاهب فرعية. ولا يزعمن أحد من أتباع المذاهب الإسلامية الأساسية لنفسه أو لغيره أن اختلاف الرأي مقتصر على هذه المذاهب من دون فرقها الفرعية الداخلية، فمهما كانت الاختلافات بين الفرق الفرعية ضمن المذهب الرئيسي بسيطة وجزئية، وهي ليست كذلك دائما، فهي في النهاية اختلافات قائمة ومؤثرة طالما أن نتيجتها هي انقسام المذهب الأساسي الواحد إلى فرق، وحتى قل مذاهب، فرعية يحرص أهل كل فرقة منها على فهم الشريعة وتفسيرها وتطبيقها وفقا لرؤية فرقتهم الفرعية وليس رؤية الفرق الفرعية الأخرى حتى من أهل مذهبهم الأساسي، ثقة منهم واقتناعا بأن ما هم عليه هو الأقرب إلى القول الحق إن لم يكن هو القول الحق ذاته مما يصدق عليه قول الله تعالى في محكم التنزيل الكريم (كل قوم بما لديهم فرحون).

3. إن التاريخ الطويل والدامي لمعاناة المجتمعات الإسلامية من الاستبداد الفردي أو الفئوي يوجب اقتران الدعوة إلى تبني وتطبيق مبدأ الحاكمية أو السيادة الإلهية فيها بالسعي لجعل مسؤولية ذلك التطبيق بيد المجتمع كله لا بيد أفراد معينين ولا حتى جماعات معينة أيا كان هؤلاء ومهما كانت صفاتهم وخصائصهم. ويقتضي ذلك ويستلزم تقعيد العلاقة بين المجتمع وسلطته الحاكمة وتقنينها وتحديد دور المجتمع في هذه السلطة وحصته منها وفيها لتكون الأطر القانونية والمؤسسية لهذه العلاقة سياجا يحمي حقوق وحريات المواطن والمجتمع ويحدد واجباتهما والتزاماتهما الأساسية بقدر ما هي أيضا قيد على السلطة التي يجب أن تطالب بحقوقها وتمارس واجباتها من دون إفراط ولا تفريط. لكن الجزء الأكبر من مكونات الخطاب الإسلامي السياسي، إن لم نقل كلها، تفتقر إلى مفهوم العقد بين الحاكم والمحكوم الذي بات تبني أصحاب هذا الخطاب له الآن ضرورة إنسانية حيوية لا محيص عنها ولا مهرب منها لوضع نهاية لمسار تاريخي طويل عاشت فيه المجتمعات الإسلامية ظروفا كانت فيها سلطة الحاكم وإرادته كاملة ومطلقة لا تحدها إلا مشيئة الله تعالى التي كان هذا الحاكم ومن يتحالف معه من أصحاب صنعة الفكر يفسرونها لمصلحته دائما، وهم غالبا ما كانوا يستغلون الدين في هذا التفسير ويوظفونه لخدمته. وفي تاريخ كل الدول الإسلام المتعاقبة منذ العصر الأموي وحتى نهاية السلطنة العثمانية أمثلة لا تعد ولا تحصى وأدلة لا ترد ولا تُدحض على أن المفكرين الإسلاميين، بما فيهم الفقهاء من أتباع كل المذاهب والفرق وبلا استثناء يذكر، قد انقسموا بين ثلاثة مواقف أساسية:

ـ موقف المؤيدين للسلطة الحاكمة المدافعين عن سياساتها ومواقفها العاملين على إدامتها.

ـ موقف المعارضين للسلطة الحاكمة المعادين لسياساتها ومواقفها العاملين على إسقاطها.

ـ موقف المحايدين ممن ليسوا لا مع السلطة الحاكمة ولا ضدها.

وقد استعمل أصحاب كل موقف من هؤلاء الفقهاء أدلة مزدوجة دينية شرعية واجتهادية فقهية لتفسير مواقفهم المختلفة والمتعارضة والدفاع عنها مما جعل الدين نفسه يبدو في مظهر المدافع عن السلطة مرة والمعارض لها مرة أخرى وغير المعني بها مرة ثالثة. وتعود ضرورة مفهوم العقد بين الحاكم والمحكوم وحيويته لاستمرار مجتمعاتنا واستقرارها إلى كونه أيضا الشرط اللازم لتأسيس السلطة ووظيفة الحكم فيها على قاعدة جديدة ومركبة للشرعية تجمع بين مبدأي حاكمية الإرادة الإلهية في الشؤون العامة والكلية وحاكمية الإرادة المجتمعية في الشؤون الخاصة والجزئية مما ليس فيه تشريع إلهي واضح ومحدد ومتفق عليه بل وأن يكون لهذه الإرادة المجتمعية نصيب حتى في المبدأ الأول طالما أن الأحكام الدينية الشرعية الإلهية في الشؤون العامة والكلية، وإن كانت واحدة في مصدريها ونصّيها الإلهيين (القرآن والسُنة)، متعددة ومتنوعة في تفسيراتها وتطبيقاتها الاجتهادية الفقهية ليس فقط بحكم تعدد واختلاف المدارس المذهبية الإسلامية الأساسية بل وبحكم تعدد واختلاف الفرق الفرعية في إطار تلك المذاهب أيضا. وعليه فإن من حق الإرادة المجتمعية، سواء بنفسها وبشكل مباشر أو من خلال ممثليها وبشكل غير مباشر، أن تختار واحدة أو أكثر من تلك الصيغ التفسيرية التطبيقية المذهبية الأساسية أو الفرعية التي يوحدها في النهاية ويجمع بينها الإطار الإسلامي العام. فبذلك فحسب يبقى الحكم الإلهي الذي ينادي به دعاة الحاكمية الإلهية حكما إلهي المصدر في التشريع بقدر ما هو بشري المضمون في التفسير والتطبيق والاختيار. فإذا كان من حق السلطة الحاكمة وفقهائها في البلدان الإسلامية تفسير الشريعة وتطبيقها وفقا لعلمهم واجتهادهم، فللمجتمع في ذلك حق مقابل ومواز ومساو أيضا في اختيار التفسير الذي يراه مناسبا من بينها. وخير ما يمكن الوصول إليه لتنظيم هذه الحقوق المتقابلة وتأمين التكافؤ والتوازن بينها منعا لتقاطعها وتعارضها وتصارعها هو الاحتكام إلى رأي المجتمع بكل مكوناته الفردية والجماعية والأخذ بما يتفق عليه رأي الأغلبية، أيا كانت مرجعيتها دينية أم دنيوية، دون أن يكون ذلك مدخلا لقمعها للأقلية أو اضطهادها طالما أن لهذه الأخيرة الحق في أن يكون لها هي أيضا رأيها الاجتهادي الخاص بشأن النصوص الشرعية الإلهية القابلة لأكثر من تفسير وتطبيق في آن واحد. وهنا يجب أن نتذكر أن السُنة النبوية المشرفة قد أقرت حق الاجتهاد وضمنت للمجتهد الأجر وحسن الجزاء إن أصاب أو أخطأ طالما أن الخطأ ليس مقصودا ولا متعمدا وأن نية المجتهد هي الخير والصلاح. وقد تعددت من قبل واختلفت قراءات آل بيت الرسول (صلعم) وصحابته (رض) من بعده لنصوص القرآن والسُنة فتعددت واختلفت تفسيراتهم وتطبيقاتهم لها من دون أن يصادر أحد منهم حق الآخرين في مخالفته في القراءة والتفسير والتطبيق. وما زال حق الاجتهاد مباحا ومضمونا لكل مسلم مؤهل له ممتلك لشروطه دون أن يجعل ذلك لا من قديم هذه الاجتهادات ولا حديثها تشريعات إلهية ولا يمنـح أيا منها أو من أصحابها حق الاحتكار المطلق للصواب والانفراد به بما يمكن أن يكون سببا لإلزام كل المسلمين بالأخذ باجتهاد ما من دون سواه. ومثل هذا الزعم هو مصدر وأصل كل قهر واستبداد سلطوي فردي أو فئوي مذهبي في مجتمعاتنا، فكل الاجتهادات الإسلامية هي في النهاية قراءات وتفسيرات إنسانية لنصوص القرآن والسُنة، وبحكم إنسانيتها هذه فهي تمتلك قدرا متساويا من احتمالات الخطأ والصواب مثلما تمتلك قدرا متساويا من احتمالات القبول والرفض من المسلمين.

4. إهمال قطاعات كبيرة وأساسية من الخطاب الإسلامي السياسي لآليات الواقع الاجتماعي الحي ومتطلباته واتجاهات حركته المستقلة، واندفاعها لتفرض على هذا الواقع أنموذجا تاريخيا معينا بكل مفرداته وتفاصيله بعد أن افترضت الخيرية المطلقة في هذا الأنموذج وتنزيهه عن السوء بكل شخوصه وأحداثه ومراحله جاعلة منه أنموذجا إلهيا قدسيا يجسد أسمى صور سياسة السماء للأرض. وإذا كنا نتفق مع هذا الافتراض في الجزء المتعلق منه بشخص الرسول (صلعم) وأحداث ومراحل حياته الكريمة مثلما نتفق معه أيضا فيما يتعلق بأشخاص آل البيت والصحابة (رض) وأحداث ومراحل حياتهم في العصر الراشدي. فإن هذا الاتفاق لا يشمل القول بخيرية ونزاهة غيرهم من الأشخاص اللذين شاركوا في تلك الأحداث وعاشوا مراحلها مما يجعل هذه الخيرية وذلك التنزيه خاصين لا عامّين. ولعل فيما عاشه المجتمع الإسلامي من خلافات حال وفاة الرسول (صلعم) وطوال العصر الراشدي، وما صاحب كثيرا من تلك الخلافات من حروب اقتتل فيها المسلمون دليلا كافيا على ضعف الجزء الأكبر من هذا الافتراض. كما أن أنموذج السلطة السياسية الذي يدعو إليه الخطاب الإسلامي ويَعِدُ به قد ولِدَ وهو فاقد أصلا لجزء كبير من واقعيته بعد أن نسي دعاته أو تناسوا استحالة تطبيق الجزء النبوي منه، فليس لبشر أيا كان أو يكون أن يزعم قدرته على أن يستعيد في شخصه أو شخص غيره سياسة الرسول (صلعم) الذي ينطق بوحي الله تعالى ويعمل بهديه. أما الجزء الآخر من هذه الواقعية فقد أضاعه الخطاب الإسلامي السياسي بتشبثه بالمرجعية القدسية التاريخية والأنموذجية المثالية التاريخية لهذه السلطة في الجزء الراشدي منها دون توفر كل الشروط الإنسانية اللازمة لذلك. فسياسة الخلفاء الراشدين تبقى في النهاية سياسة بشرية وإن أقررنا جميعا بأنها بذلت جهدها وما في وسعها لتكون امتدادا للسياسة الإلهية في العصر النبوي، وقد اختلفت هذه السياسة البشرية التي طبقها الخلفاء الراشدون باختلاف مواقفهم من قضاياها ومشكلاتها مثلما اختلفت بشأنها مواقف الصحابة بين التأييد والمعارضة وتباينت أساليبهم في الحالتين بين الفعل بالسيف والقول بالكلمة والاعتزال. وبسبب هذه الاختلافات قُتِل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وانقسم المسلمون في ذلك العصر إلى فئات في كل فئة منها عدد من الصحابة وجرت بينهم حروب ذهب ضحيتها عدد كبير منهم في عصر يُعد العصر الذهبي للإسلام مما يؤسس للقول بأن ممثلي الخطاب الإسلامي السياسي الذين أطلقوا على هذا العصر صفات وخصائص مثالية قد أهملوا ظروف الواقع العياني الحي واحتياجاته مثلما أنهم لم يعودوا قادرين على التمييز بين ما هو مرغوب وما هو ممكن، وقادهم هذا المأزق إلى اللجوء إلى (النزعة الاستئصالية) في التعامل مع أمراض الواقع ومشكلاته بدلا من (النزعة العلاجية)، ويتضح جليا خطر النزعة الاستئصالية عندما يعتل كل الجسد الاجتماعي فيكون دعاة هذه النزعة بين خيارين أحلاهما مر(13).
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://afaqkadima.yoo7.com
 
الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 1 -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخطاب الإسلامي السياسي وإشكالية المراوحة بين الشورى والديمقراطية - 2 -
» مقدمة في فقه النظام السياسي الإسلامي
» السياسي والكذب :اللغة المخادعة في الخطاب والتواصل
» المجتمع المدني والديمقراطية
» انعتاق الدين الإسلامي من الأدلجة، مساهمة في تحرير المسلمين من التبعية لغير الله...

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الآفاق القادمة :: آفاق سياسية ، نقابية ،حقوقية ،جمعوية . :: آفاق التكوين السياسي - الإيديولوجي-
انتقل الى: