يا حكام سلا - الجديدة : إن السكان بدون نقل ، فأين أنتم؟

في الوقت الذي يقوم فيه ملك البلاد بجولات عبر ربوع المملكة ،متواصلا بشكل مباشر مع الشعب لمعاينة احتياجاته و الاستماع إلى طلباته و متطلباته ، و في الوقت الذي يدعو فيه جلالته كل مسؤولي هذه البلاد للخروج من مكاتبهم و التواصل المباشر مع المواطنين و العمل على حل مشاكلهم و لا سيما المشروعة منها ، نجد عكس ذلك عند عدد من المسؤولين الذين يغردون خارج سرب المسؤولية: و لنا في عدم إيجاد حل لمشكل النقل الحضري بسلا-الجديدة نموذجا واضحا و فاضحا:

في ظل الاجواء اللاإنسانية التي تعيشها ساكنة سلا-الجديدة مع مشكل النقل و ظروف التنقل صوب العاصمة أو في اتجاه الحي الصناعي وحي النهضة و التقدم اليوسفية ،تصاعدت موجة الإستياء العارم و الغضب الشديد الذي تزداد وتعلو خطورته بشكل تصاعدي يوما بعد يوم في أوساط السكان والمتضررين من عمال و موظفين و طلبة و مرضى حيث لا حديث لهم سوى عن المعاناة اليومية اللعينة والشادة مع ظروف التنقل و ذلك أمام مرأى السلطات المحلية التي مازالت تتفرج على هاته المهزلة و في غياب المنتخبين من مستشارين جماعيين و برلمانيين .

فحسب معاينتنا لعدة مواقع بسلا-الجديدة و اتصالنا على مدى عدة أسابيع بعدد هام من ساكنة المنطقة من مختلف الأعمار،استخلصنا أن همومهم توحدت و خلاصاتهم اتفقت حول مدى الضرر الممزوج باليأس الذي يعيشونه منذ سنوات عديدة جراء انعدام وسيلة نقل توصلهم إلى الوجهات التي يقصدونها بضواحي الرباط.

اقتربنا من إمرأة نحيلة في العقد الثالث من عمرها تحمل طفلا محموما بين ذراعيها و هي في وضعية نفسية متدمرة جراء عدم وجودها وسيلة لنقله إلى مستشفى ابن سيناء ،إذ ظلت تنتظر لساعتين أمام معرض سلا- الجديدة، فتمتمت بما يلي: " حشومة على المسؤولين فهاد لبلاد يديرو فينا هاذ الحالة ، نهار الانتخابات كولهوم تيجيو حتا لديورنا و يواعدونا بحل كل المشاكل ...لكن الله فوق منهم..عندهوم مع ولادهم الطرانسبور فابور ". و كان جواب شاب يبدو أنه تجاوز عقدة الثاني بقليل، مايلي :" أنا طالب بمعهد التكوين المهني بحي النهضة-الرباط ، أستيقظ في الساعة السادسة صباحا لأصل دروسي مع الساعة الثامنة إذ أركب مع احد الموظفين و غالبا ما أصل في الساعة التاسعة لأجد المشاكل و الاستفسارات إلى درجة تفكيري الجدي في مغادرة المعهد,,لا أدري لماذا يعاقبوننا المسؤولون بهذه الطريقة؟ اين هو حق النقل و التنقل و الدستور الجديد؟ بل أين يختبئ المسؤولون؟"

حقائق صادمة و محزنة في مجملها تلك التي يعيشها سكان سلا-الجديدة حيث يوجدون في حالة حصار حقيقية و في عزلة عن العالم الخارجي و لا من يحرك ساكنا و ذلك رغم الشكايات المتعددة التي أرسلها المتضررون إلى من يعنيهم الأمر و رغم تنظيمهم لبعض الوقفات الاحتجاجية حول مشكلة النقل : فقط تلاحظ دوريات مكثفة لرجال الأمن يجوبون الطرق لمحاربة النقل العشوائي و فقط تشاهد " أمين الطاكسيات " و بعض سائقي سيارات الأجرة يتمركزون في نقط تابثة لاصطياد " الخطافة" ، و فقط تتفرج على مرور حافلة مهترئة تحمل رقم " 55" مرة في الشهر من دون أن تتوقف و حيث يقول السكان إنها غير قانونية و من دون فرامل ؟؟

نتساءل بدورنا عن دور ولاية الرباط- سلا فيما يحصل ، و هل ستننظر السلطات حتى وقوع انتفاضة اجتماعية دامية مطالبة بالحق في توفير وسائل النقل لكي تتدخل ؟ و هل أصبح ملف النقل أداة للوصول إلى البلدية او البرلمان؟

و في الأخير، و دونما الحاجة إلى التذكير بفشل شركة فيوليا ذات الرأسمال المقدر بأزيد من 2 مليار درهم و المسؤولين عن هذا الوضع الذي آلت إليه أمور النقل الحضري باعتباره المحرك الأساس لعجلة التنمية و ارتباطه بالسكان ، فإن ساكنة مدينة سلا- الجديدة تطالب من جديد من والي الرباط - سلا و المسؤولين المعنيين بسلا-الجديدة بتوفير الحافلات و سيارات الأجرة في كل الاتجاهات داخل مدينة الرباط و ذلك انطلاقا من حقهم المشروع و المكفول قانونيا من جهة و حتى لا يفضي الاستمرار في تجاهل مطالب السكان المنطقية إلى تطورات خطيرة قد تصل درجة الانفلات الأمني بالمدينة من جهة أخرى، و هنا فليتحمل الكل مسؤوليته إن كان يعرف معناها و يقدر مدلولها ....