kimgou64 مدير عام
عدد المساهمات : 1194 تاريخ التسجيل : 10/10/2012 العمر : 60 الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com
| موضوع: المرأة والحداثة - جزء 2 - الإثنين 25 فبراير 2013 - 15:55 | |
| المرأة والحداثة - جزء 2 - محمد بن علي المحمود الاستجابة التي يحظى بها تيار التقليد من قبل المرأة على امتداد العالم العربي، لا تعني أنه الخيار الأفضل لها، بقدر ما تعني بؤس الحالة النسوية التي قادتها إلى مثل هذا الخيار، هذا الخيار المضاد لها كأنثى. إنه خيار بائس، يعكس حالة راهنة للمرأة، خيار يكشف مستوى بؤسها الذي قد لا تعيه على نحو واضح، ولا يعكس خياراً واعياً من قبلها. وبالمقابل، فتجافيها عن خطاب الحداثة وازورارها عنه، مؤشر دال على غياب وعيها بذاتها وبالحراك الثقافي وطبيعته من حولها. وازاء هذه الحال التي تنمط المرأة على نمط تراثي شعبوي، لابد من تفعيل دور الاتفاقيات العالمية ذات البعد الإنساني - من دون الإصغاء إلى أعداء الإنسان - لكونها ذات ارتباط بجوهر المعنى الإنساني، ولكونها - من جهة أخرى - بعيدة عن الخضوع لتصورات محدودة بعوالم محدودة؛ تتصور أنها الأفق الحقوقي الذي لابد أن تقف المرأة عنده. لابد أن تنخرط المرأة في خطاب الحداثة الذي يعدها بمستقبل إنساني مغاير لما هي عليه، ولابد أن يكون هذا الانخراط ذا طبيعة جماعية، ويكون بخطوات منتظمة في تسلسل مشدود - بمرونة - إلى استجابات الواقع. وهذا الأمر لابد أن يتم في خطين متوازيين: الأول: تشريعي، فكثير من التحولات التي حدثت لو انتظرت الاستجابة الجماهيرية، لبقيت لعقود وعقود، ولهذا فمثل هذه القرارات إنما هي إسعافات أولية، ينقذ بها ما يمكن إنقاذه. إن القرار الحقوقي الذي يمنح المرأة حق المواطنة الكاملة، بتفاصيلها، دون تمييز في ذلك، لا يمكن أن ينتظر موافقة الجميع، لأن حق الأفراد كأفراد لا يسقط في حال رفضه بعضهم أو استغنى عنه. صحيح أن بعض التشريعات لابد من التوطئة لها، لكن تبقى القرارات الشجاعة قرارات تاريخية في ميدانها. واستغلال فترات التحول لسن مثل هذه التشريعات الجريئة، من شأنه أن يخفف من حدة الرفض لها؛ لأنها تقرأ في سياق تحول عام، يعطيها طابع الضرورة التي لا محيد عنها. إن التحولات التي تجري داخل الكويت - فيما يخص حقوق المرأة بالذات - تحولات تستدعي التأمل بقدر ما تبعث الأمل. فهي بقدر ما تواجه به من رفض واحتجاج، هي - ايضا - تؤكد (طبيعة الاحتجاج) المبني على ركام العادات والتقاليد، وأن هذا الرفض عندما يواجهه الواقع بصراحته الحادة، فإنه سرعان ما يتراجع. قد لا ينتهي، لكن تخف درجته على نحو متدرج. هذا ن جهة، ومن جهة اخرى، فإن القبول الذي حظيت به هذه التحولات الكويتية من قبل بعض التيارات الدينية، التي كانت - من قبل - تصدر فتاوى التحريم في ذلك، يدل على أن الفتاوى في الشأن المدني ليست فتاوى في الحقيقة، وإنما هي وجهات نظر، لا غير. ومن ثم، فما كان اليوم حراما - من وجهة نظر البعض - سيصبح غداً حلالا، وسيمارسه بحماس من كان يتشدق بتحريمه، وليست على نص شرعي قطعي الدلالة والثبوت. الثاني: ثقافي، فالتحول الحاسم على المدى البعيد، إنما يحدث عن طريق الثقافة؛ لأنه التحول الذي يطال المنظور من الاجتماعي وغير المنظور. نعم، قد يستطيع التشريع أن يفرض نفسه على الواقع، لكنْ هناك جزء كبير من الممارسة لا يمكن أن تخضع لقانون مكتوب، وإنما يوجهها التصور الثقافي لدى الجماعة. ولأهمية هذا، فلابد أن تكون الثقافة الحديثة المؤنسنة هي المادة التي تُملأ بها وسائل التعليم وقنوات الإعلام. لازالت ثقافتنا هي ثقافة العرب الأوائل، ثقافة الوأد، تلك الثقافة الذكورية المتحيزة ضد الأنثى. ولقد لفت انتباهي في مؤتمر الحوار الوطني الأخير، أن أحد الشباب المشاركين في المؤتمر، بعد أن ألقى كلمته، ظهر عليه الانفعال الشديد دون مبرر واقعي، ثم قال: أقسم بالله أنه لو سمح للنساء بقيادة السيارة فلن أسمح لمحارمي أن يقدن السيارة. قال هذه الجملة دون أن يكون هناك مبرر في السياق الذي يلقي فيه كلمته، ليست القضية في هذه المفردة الجزئية من حقوق المرأة، وليست القضية ان هذا الشاب لا ينطق بنفسه وإنما تنطق الثقافة التقليدية من خلاله، فهو لا يعي ما يقول، وليس أن هذه الجملة بلا سياق. القضية التي يجب التنبه لها أنه - كمصنوع ثقافي - لا يعترف للمرأة بذات مستقلة، لم يقل: لن تسمح محارمي، بل هو هنا صاحب القرار الأول والأخير، والمرأة (محارمه) مناط التنفيذ، ومع أنه يؤكد أنه (لن يسمح) إلا أن هذا التأكيد يأتي بعد سماح صاحب القرار الرسمي. أي عندما تمنح الدولة المرأة - المستقلة كذات - هذا الحق، فإنه سيسلبها إياه!. هكذا تظهر الذكورية في (أبهى) صورها التسلطية على لسان شاب يتصور أنه يفكر بالنيابة عن نسائه. لم يدر بخلده أن المرأة هي صاحبة القرار الأول والأخير في هذا لا هو، وأنه لا يملك من هذا قليلاً ولا كثيرا. وتصوره هذا الذي ظهر على نحو ممجوج، ليس غريبا عن التصورات التي تمنع المرأة من هذا الأمر وتمنحها ذاك الأمر، وتراقبها في تطبيق هذا الحكم الشرعي أو ذاك، مع أن الخطاب الإلهي موجه إلينا مباشرة، مباشرة دون وسيط ذكوري، يراقب التنفيذ من عدمه، فطاعتها أو عصيانها - فيما سوى الحدود - علاقة خاصة بينها وبين الله مباشرة. ولكن هل يعي الوعي الفحولي ذلك! [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|