kimgou64 مدير عام
عدد المساهمات : 1194 تاريخ التسجيل : 10/10/2012 العمر : 60 الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com
| موضوع: أصحاب السعادة في مدينة السعادة الجمعة 4 يناير 2013 - 15:41 | |
| أصحاب السعادة في مدينة السعادة فاطمة الإفريقي يومية أخبار اليوم عدد950 بتاريخ 03 يناير 2013 لكي تحظى بلحظة سعادة بمدينة البهجة عليك أن تكون في الأصل صديقا حميما للسعادة ... وحدهم أصحاب السعادة القادرون على دفع تكاليف ليلة بهجة أسطورية بالمدينة الحمراء احتفالا بوداع سنة سعيدة من عمرهم المديد و عناق سنة أخرى أكثر سعادة ... أما أبناء المدينة التعساء فتكفيهم خفة ظلهم و نكتهم الساخرة و رقصة الثعبان و حكايات الأزلية و فواتير الماء والكهرباء الملتهبة . مراكش مدينة تبدو منشغلة بزينتها الخارجية أكثر من بهجة روحها و مهووسة بسلامة الآخرين أكثر من سلمها الاجتماعي فهاجس مسؤوليها المنتخبين و المعينين هو السهر على تفاصيل ضيافة و متعة و أمن أصحاب الفخامة و السعادة ,الذي اختاروها من بين كل مدن العالم للابتهاج بقدوم عام جديد ... أما سكانها الذين يكتوون يوميا بنار الغلاء في المعيشة و العقار و النور و الماء فخراطيم مياه الأمن ستتكلف بإطفاء نارهم و القنابيل المسيلة للدموع لها مفعول سحري في تفجير دموعهم الممتنعة و تسكين ما يغلي في دواخلهم من غضب. الغضب المخنوق في الحلق هو الذي أفقد المراكشيين البسطاء طعم الاحتفال بالسنة الجديدة و أخرج أبناء سيدي يوسف بنعلي إلى الشارع للانتفاضة ضد غلاء فواتير الماء و الكهرباء و ضد هموم أخرى غير معلنة ,بعد أن استنفذوا كل سبل الحوار و فقدوا طاقة الصبر و أنهكهم الانتظار... لقد كانت كل الترتيبات معدة سلفا بعناية فائقة ,و بإشراف أكبر المسؤولين بالمدينة , لينعم أصحاب السعادة بليلة رأس سنة سعيدة في مدينة السعادة ... أزالوا كل الشوائب العالقة بالنخيل و شجر الليمون و النافورات , نظفوا الطريق من المطار إلى القصور وأزالوا الأوراق الذابلة من أزهار الممرات , و أمروا عرافات جامع الفنا ببيع التنبؤات السعيدة فقط , و أوصوا فناني الحلقة برفع الإيقاع , لكنهم أهملوا ضبط ايقاع الدروب المهمشة , لم ينتبهوا لنفاذ مخزون الصبر في صدور الناس و لم يضيفوا جرعات جديدة من مسكنات الكذب و التماطل إلى حين نهاية الاحتفالية و رجوع أصحاب السعادة لمملكاتهم السعيدة . تفننوا في تجميل المدينة و أهملوا تلميع المرآة .. و مرآة جمال و بهجة الأوطان هي الحياة الكريمة , و نسوا أو تناسوا في زحمة الاستعدادات الأمنية و اللوجيستيكية و التجميلية بأن سر بهاء مراكش لم يكن اسمنتا أو أسوارا أو قصورا و ساحات فارغة , سحر مراكش هو الناس , و تصنعه الكرامة و البساطة و البهجة التلقائية .. البهجة التي أطفأتها عمليت التجميل الترقيعية ’ و سرقها سماسرة العقار و الأجساد و القيم , و أهدوها للسائحين الباحثين عن السعادة في رياضات المتعة . سعادة الشعوب لا تقاس بعدد السياح الأجانب و رضا أصحاب السعادة , و بعدد القصور و الإقامات الفخمة ... سعادة الشعوب – حسب مؤشرات الأمم المتحدة – تقاس بالحرية السياسية و الأمن الاجتماعي وقلة الفساد , و هذا ما تفتقده مراكش و يفتقده الوطن, و من أجله خرج الناس غاضبين ثائرين مطالبين بحقهم المسلوب في السعادة . ما أشبه مراكش بزهرة البنفسج , مدينة تبهج و هي حزينة .. مدينة ترتدي أقنعة البهجة و تتقمص دور السعيدة كراقصة متماهية مع إيقاع الموسيقى و الجسد و قلبها يعتصره الألم ... و ما أشبه مراكش بامرأة فاتنة حولوها لبائعة هوى لأصحاب السعادة , و بالغوا في تزيينها و كشف مفاتنها لتبدو أكثر إغراء , ففقدت سحرها لما حجبت جمالها الطبيعي بالمساحيق و مسخت صفاء حمرتها الوردية بطبقات كثيفة من أحمر الخدود . | |
|