الآفاق القادمة
ساهم معنا من أجل تلمس آفاقنا القادمة
الآفاق القادمة
ساهم معنا من أجل تلمس آفاقنا القادمة
الآفاق القادمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الآفاق القادمة

الجميع يفكر في تغيير العالم ، لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
زيارتك لنا هي رقم

المواضيع الأكثر شعبية
علاقة الفن بالواقع
تعريف وأشكال الأراضي السلالية
مختارات من روائع الشاعر محمود درويش - 01 -
أسس الصحة المدرسية
دروس هامة وعملية في علم التشريح .
برنامج المحاسبة :عربي رائع سهل الاستخدام ومجاني .
اختبار الذكاء باللغة العربية :Arabic IQ Test
قانون الحريات العامة بالمغرب
الثورة لا تعرف لغة السوق
موسوعة الوثائف الخاصة بأساتذة السنة الأولى ابتدائي
مرحبا بالزوار من كل البقاع

احصل على دخل إضافي

 

 الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
kimgou64
مدير عام
مدير عام
kimgou64


عدد المساهمات : 1194
تاريخ التسجيل : 10/10/2012
العمر : 60
الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com

الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد  Empty
مُساهمةموضوع: الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد    الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد  Emptyالسبت 3 نوفمبر 2012 - 17:01

الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد

محمد عبدالرحمن مرحبا:أستاذ الفلسفة الإسلامية في الجامعة اللبنانية سابقاً

الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد  Images?q=tbn:ANd9GcRFAGvw9akinW6PHjS-F6o7KNKuRCg2EqZV--2JBNHSJLo8DOgU
الفلسفة العربية الإسلامية هي إحدى الحركات العقلية التي نشأت في ظل الإسلام وحضارته وارتبطت به بأنواع مختلفة من الارتباط. فإن الإسلام لم يعبر عن ذاته بعلوم الدين والنقل فقط، بل لقد وجد في علوم الفكر والعقل أيضًا متسعًا فسيحًا للتعبير عن هذا الذات.

ولقد كانت هذه الفلسفة دائمًا محل نزاع ومناقشة بين الباحثين، فقد اختلفوا في اسمها وفي إمكان وجودها وفي الأشخاص الذين شيدوها وأقاموا بناءها، وفي مدى ما فيها من أصالة وابتكار. لكن هذا الاختلاف لم يقتصر على الفلسفة العربية الإسلامية وحدها بل لقد شمل جميع الحركات العقلية في القرون الوسطى كلها، إسلامية كانت أو مسيحية أو يهودية، أو وثنية. فليس هناك اتفاق حول قيمة الفلسفة المسيحية أو الفلسفة اليهودية ومدى أصالتهما وقربهما أو بعدهما عن الفلسفة اليونانية والإسلامية. ولا يزال النقاش محتدماً حول أصالة القديس توما الأكويني مثلاً ومدى استقلاله عن ابن رشد خاصة وفلاسفة الإسلام عامة. وهذا ينطبق أيضاً على موسى بن ميمون أعظم فلاسفة اليهود في العصور الوسطى كلها.

والذي يهمنا هنا أمر الفلسفة العربية الإسلامية: هل يوجد فلسفة عربية إسلامية أم لا؟ وما طبيعة هذه الفلسفة إن وُجدت، وما هي خصائصها؟ وإلى أي حد استطاعت أن تتحرر من أسار الفلسفة اليونانية؟

إن التصدي لهذه المسألة مهمة عسيرة ولكنه لا يخلو من المتعة، على أن تُعالج موضوعياً بعيداً عن التعصب والهوى ومشاعر الحقد والضغينة. وعلى هذا الأساس سندرس الفلسفة العربية الإسلامية، فنبين أصالتها فيما لها فيه من أصالة، ولا نتحيف عليها في بعض ما تعتز به، كما لن نتوقف عن نقدها حيث يجب النقد.

ونأمل أن تكون هذه الدراسة نواة أولية لدراسة هذه الفلسفة على أساس وضعي لا معياري، فندرسها كما هي بالفعل لا كما يجب أن تكون، ونرافق أصحابها ونعيش معهم ونفهم ظروفهم ومدى الإمكانيات المتاحة لهم للخلق والابتكار. وحسبهم فضلاً أنهم بثوا الحياة في عصور الفكر اليوناني، وأقاموا فجوة كبيرة بين العصور الوسطى العربية الإسلامية التي كانت عصور إشعاع ونور والعصور الوسطى اللاتينية التي يسميها أصحابها أنفسهم عصور الظلام.

هذا ومنشأ سوء الظن في الفلسفة العربية الإسلامية أن دارسيها الأوائل مثل رينان ومدرسته لم يضعوا آراءهم بعد دراسة كاملة، ولم يستمدوها من التفكير العربي الإسلامي نفسه في أصوله ومصادره، وإنما كانوا يعبرون عن معظم ما كان متداولاً في المخطوطات اللاتينية، حيث لم تكن الدراسات الإسلامية الصحيحة قد بدأت بعد: «ذلك أن بعض مؤرخي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عرض للحياة العقلية عند المسلمين من غير أن يكون لهم إلمام بلغتهم أو أن تتوافر لديهم المصادر العربية الكافية. وانتهى إلى أحكام لا يمكن إلا أن تكون سريعة وناقصة»(1)، على حد قول د. إبراهيم مدكور -رحمه الله-. ومع ذلك فقد قدر لهذه الآراء أن تنتشر كما تنتشر النار في الهشيم، فتلقفتها الدوائر العلمية وغير العلمية، واختلفت الأغراض والمآرب. فالأجواء كانت مشحونة بالتعصب على العرب وكراهيتهم.

وهناك سبب آخر جعل هذا الفريق من الباحثين ينكر وجود الفلسفة الإسلامية. ذلك أن الأسس الفلسفية والآراء التي جاءت بها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفلسفة اليونانيين والمنهج اليوناني في معالجة المباحث الفلسفية. فالعرب لم يكن لهم عهد بالفلسفة قبل ظهور الترجمات. فلما نُقلت علوم اليونان والهند وفارس وفلسفاتها إلى العربية واطلع عليها المثقفون المسلمون تأثروا بها وأنضجوا أفكارهم بمعانيها، فبقي إنتاجهم يشف عن مصادره. فالفلاسفة العرب قد أخذوا عن أرسطو معظم آرائه وأكملوه بأفلاطون وأفلوطين، حتى إن الفلسفة العربية الإسلامية لا يمكن فهمها بل لا يمكن تصورها بغير الفلسفة اليونانية. لكن ذلك لا يمنع من وجود عناصر جديدة وأصيلة أضافها الفلاسفة العرب من عند أنفسهم كما سنرى بعد قليل.

ومن أسباب إنكار الفلسفة العربية الإسلامية أيضاً أن أكثر الفلاسفة الإسلاميين لم يكونوا عرباً أقحاحاً، بل كانوا خليطاً من شعوب متعددة وأديان مختلفة جمعهم الإسلام تحت مظلة واحدة.

والحق أن الحملة على العرب قديمة كما هو معلوم منذ دخولهم إلى بلاد الأندلس وتهديدهم لروما عاصمة الكاثوليكية في أوروبا. لكن هذه الحملة قد خفت حدتها لحسن الحظ، وذلك لتقدم الدراسات العربية والإسلامية والرجوع إلى المظان الأولى للفكر الإسلامي ودراسته في أصوله ومصادره. كما أن روح التعصب على العروبة والإسلام قد ضعفت عند عدد كبير من الباحثين الغربيين وبدأت تتغلب عليهم روح التجرد والموضوعية. فالحق لا يعدم نصيراً حتى ولو بين الأعداء والخصوم. فلا يمكن للعلم إلا أن يصقل بعض النفوس ويطهر من أدناسها ويرتفع بها عن الأحقاد والضغائن، أو على الأقل هذا ما نرجو.

إن هذه الطريقة التي لا ترى في الفكر العربي الإسلامي إلا صورة للتأثيرات الأجنبية لم تعد طريقة عصرية، بل لقد تخلى عنها أصحابها منذ زمن طويل، لأنها لا تقول لنا:

1- لِمَ انتقلت هذه التأثيرات إلى العرب في وقت بعينه؟

2- لِمَ كان لها أبلغ الأثر في المسلمين رغم أن كثيراً منها يعارض الإسلام، ورغم ما وُضع أمامها من عراقيل؟

إن كل شيء يتضح لنا من هذه الناحية إذا تذكرنا التغيرات العميقة التي طرأت على شبه الجزيرة العربية في أوائل القرن السابع، أي عندما قام محمد -عليه السلام- بحركته العظيمة. هنالك نرى كيف أن نظم الحياة العربية قد تبدلت رأساً على عقب: طوفان من الأفكار والمبادئ والقيم والمثل والأيديولوجيات غمرت الجزيرة العربية من أقصاها إلى أقصاها، الأرض هي الأرض، والمناخ هو المناخ، ولكن القوم غير القوم. مجتمع جديد قد انتصب وخرج إلى حيز الوجود. فاستتبع ذلك ظهور حاجات جديدة وآمال جديدة ومسؤوليات ومهمات جديدة، وأهداف جديدة وأعباء جديدة، وقيم ومثل جديدة، وهذا ما جعله يتطلع إلى آفاق جديدة. لقد كان العرب يعيشون في عصر تحول كبير. فإذا كان 1 + 1 = 2 في العصور العادية، وربما أقل من ذلك في عصور الانحطاط، فإن هذين الرقمين قد ساويا الملايين في عصور الثورات. أضف الفكرة إلى الفكرة، وانظر ماذا تكون النتيجة: فقد تجهض الفكرةُ بالفكرة، وقد تلتقح الفكرة بالفكرة، فيتولد عنها ألف فكرة(2). لقد بدأ عصر العقل بالنسبة إلى هؤلاء القوم، بقدر ما بدأ عصر الروح والإيمان. وكان من السابق لأوانه آنذاك أن ينفصل العقل عن الإيمان. فلا تعارض بين العقل والإيمان في منطق القرآن.

وهكذا طُرحت –ولأول مرة في جزيرة العرب- مشكلة العلاقة بين العقل والنقل، أو بين الفلسفة والشريعة، منذ العصور الأول للإسلام. وسيحتدم الصراع بين الفريقين، وسيتمخض عن هذا الصراع مدارس ومذاهب وفلسفات كثيرة. وعلى أطراف هذا النزاع ستنشأ علوم وآداب وأنظار وفلسفات ومواقف ومنازع لا تقع تحت حصر. وسرت عدوى العقل في كل مكان، وتعصب الكثيرون لحكم العقل، وناهض الكثيرون أيضاً حكم العقل وحملوا على العقل. ومن هنا ستنشأ علوم الدين وعلوم الدنيا، ومن هنا أيضاً سينشب النزاع بين الدين والدنيا، ولكل منهما طرائقه ومناهجه، وله آلياته ووسائله. ولذلك كله قوانين وسنن أزعم أن السَّيْكوسوسيوديناميكا Psychosociodynamique وهي تسمية عدلت عنها إلى تسمية عربية أفضل منها وهي الفكرانية – أقول: ولذلك كله قوانين وسنن أزعم أن الفكرانية قد أحاطت بالكثير منها. وأرجو ألا يكون في ذلك ادعاء كبير.

وعلى كل حال، لقد أصبح بين أيدي العرب الآن طاقة كبيرة. وهذه الطاقة هي –كأي طاقة– قابلة للتحويل- وصودف أن المشكلة التي كانوا يواجهونها هي المشكلة الدينية. فتعبأت هذه الطاقة وتجندت كلها أو جلها لحلها. كما أن الطاقة التي تعبأت في عصر التحول اليوناني الكبير مشكلة من نوع آخر، هي المشكلة التي أثارها طاليس، أي المشكلة الميتافيزيقية، فتجندت هذه الطاقة لحلها. وبقدر ما طُبعت المشكلة الأولى التي صادفها عصر الطاقة اليوناني بالطابع الميتافيزيقي، لأن الطاقة تبحث دائماً عن منافذ لها فوجدتها في الميتافيزيقا، كذلك طبعت المشكلة الدينية العقل العربي بالطابع الديني. ومن نبع الميتافيزيقا فجّر اليونان الدين فيما فجروا، فتفلسفوا في الله والنفس والحياة بعد الموت، ومن نبع الدين فجر العرب الميتافيزيقا فيما فجروا، «فديَّنوا» الفلسفة –إذا صح التعبير– ودجنوها وأخضعوها للدين. وبتعبير أدق وفقوا بينها وبين الدين. فليست الميتافيزيقا من مستلزمات العقل اليوناني، كما ليس الدين من مستلزمات العقل العربي، وإنما الأمر في الحالين طاقة هائلة تتلمس الطريق لإيجاد مسارب لها، فعثرت عليها في تأملات طاليس وخلفائه من بعده حيث تعمقت وتشعبت واستطالت؛ وفي دين محمد وأخلافه من بعده حيث نضجت وتوسعت وتفرعت. هذا ما تقضي به قوانين الفكرانية، أو ما كنت أسميه قوانين السَّيْكوسوسيوديناميكا.

وعلى ذلك فالفكر العربي الإسلامي بعامة والفلسفي بخاصة حقيقة ثابتة أنتجتها التحولات العميقة التي طرأت على الجزيرة العربية مع الإسلام. وإذا كان هناك من يشكك في القيمة الموضوعية لثمرات هذا الفكر، فما علينا لتبديد هذا الشك إلا مقارنة ما كتبه النقلة السريان في أول عهد الترجمة بما كتبه العرب. لقد كان السريان أسبق من العرب إلى تلقف آثار اليونان، ومع هذا فقد عجزوا عن أن ينجبوا –قبل اختلاطهم بالعرب- مفكرًا واحداً من معدن الكندي أو الفارابي أو ابن رشد أو ابن خلدون.. كما يجب أن نقارنهم أيضاً بالروم (البيزنطيين) الذين ورثوا حكمة اليونان لكنهم دفنوها في الأقبية والسراديب والكهوف، حتى جاء العرب فانتشلوها وأخرجوها من جحورها، بالترغيب تارة، والترهيب تارة، في عملية إنقاذ حضارية نادرة في التاريخ. فالدولة البيزنطية لم تنجب طوال تاريخها جهابذة عظاماً في مستوى جهابذة العرب. وإذا كان نبغ من هؤلاء وأولئك من نبغ، فإنما كان ذلك يعود إلى لقائهم العرب والاختلاط بهم والإفادة من أجواء الحوار والتعايش والتسامح والتعاون التي سنحت لهم في عالمهم الجديد.

ليست العبرة بما استفاده العرب من القدماء، إنما العبرة بما لم يستفيدوه منهم، أعني روح التوثب وحب الاستطلاع وسعة الخيال والتوق إلى المعرفة، والقدرة على الاستدلال والاستقراء والتحليل والتركيب، والتعميم والتعليل واستخراج العلاقات.. وكلها مواهب لا تُغني عنها علوم الدنيا.

بهذه الصفات أرسى ابن الهيثم قواعد البصريات، واكتشف ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى، وقام البيروني بقياس محيط الأرض، ووضع ابن سينا وابن تيمية –فضلاً عن علماء الطبيعة– أسس المنهج العلمي، ونقل الرازي الكيمياء من الطور الأسطوري إلى الطور العلمي، ومهد ابن الشاطر لآراء كوبرنيكوس الفلكية، وأسس الخوارزمي علم الجبر، والزهراوي علم الجراحة، وابن البيطار علم النبات، والبتاني علم المثلثات، وابن خلدون علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.. إن السلسلة طويلة، وفي كل يوم نكتشف مخطوطات جديدة تضع أيدينا على حقائق تاريخية ومآثر لأجدادنا العرب جديدة، فلا موجب للإطالة.

وكانت روح النقد عندهم قوية، وقد ظهرت هذه الروح منذ العصور الأولى لتاريخهم كما يقول روزنتال(3)، حتى إنه لم يسلم عالم أو فيلسوف إغريقي قديم من سهامهم. ويشيد روزنتال بقصة الخطيب البغدادي حين فضح الوثيقة التي ادعى يهود خيبر أنهم مُنحوا بمقتضاها امتيازات خاصة، فاكتشف البغدادي زيفها. ويضيف روزنتال أن الخطيب البغدادي لم يأت بجديد، بل فعل ما كان يفعله العلماء المسلمون في تحقيق النصوص ومقارنة التواريخ. ويؤكد روزنتال أيضاً أن العلماء المسلمين قد أبدوا شكوكهم في صحة كتب كثيرة تنسب إلى مؤلفين قدماء كأبقراط وجالينوس..

ومن هنا، لا يمكننا أن نعطي صورة حقيقية ودقيقة للفكر الفلسفي في الإسلام إذا اقتصرنا على ما كتبه الفلاسفة الخُلص وحدهم. فإذا كان هؤلاء يمثلون الفكر الإسلامي فإن الأصوليين والفقهاء وعلماء الكلام، بل وعلماء الطبيعة والهيئة والرياضة والطب لا يقلون عن الفلاسفة تمثيلاً للفكر الإسلامي. فهذا الفكر لم يكتف بتعبير واحد، بل لقد اتخذ لنفسه تعبيرات شتى تتفاوت قوة وأصالة. ومهما تعددت وجوه التعبير، ومهما اختلفت الموضوعات التي تطرق إليها وتشعبت به الطرق والمسالك، فإنه في علم الكلام هو نفسه في علم أصول الفقه، هو نفسه في الفلسفة الميتافيزيقية الخالصة، هو نفسه في علم الفلك والطبيعة والرياضة والاجتماع. فهو إنما يصدر عن حوض واحد ويُسقى بماء واحد. فإذا لمح الدارسون في هذه الوحدة عناصر افتراق وتباين فإنها تظل أفكار المسلمين ويظل الإسلام مبعث نشاطها ومركز الدائرة فيها.

الفلسفة العربية الإسلامية حقيقة موضوعية ثابتة مهما أنكرها المنكرون وتعصب عليها المتعصبون، كما أن أصحابها ممثلون حقيقيون للفكر العربي الإسلامي، وإن زعم بعض الدارسين الإسلاميين غير ذلك، ممن يريد حشره في أضيق حيز صوناً له من الدخيل، مع أن الدخيل ليس عيباً بل هو دم جديد يبث الحياة في كل فكر أصيل قابل للحياة والتجدد كالفكر العربي الإسلامي. فالدكتور علي سامي النشار مثلاً ينفي عن الفلاسفة الإسلاميين صحة تمثيلهم للفكر الإسلامي، إذ يذهب إلى «أن هؤلاء الفلاسفة لا يمثلون الفكر الإسلامي في شيء»(4). إلا أننا لا نذهب هذا المذهب في العلو والشطط، بل نرى أنهم لا يقلون تمثيلاً له عن الفقهاء والأصوليين والمتكلمين. ماذا أقول؟ فحتى الملحدون والزنادقة لا تخلو مواقفهم من سمة التعبير عن الإسلام في جانبه السلبي على الأقل.

هذا ولمعرفة طبيعة الفلسفة العربية الإسلامية نذهب مذهب المستشرق هورتن Horten إذ يقول في فصل عقده عن هذه الفلسفة في دائرة المعارف الإسلامية تحت عنوان Falsafa:

«ولتقدير ما للفلسفة الإسلامية من الشأن يجب البدء ببيان ما في مذهب أرسطو من النقص. فلا نظير لأرسطو في ضبط المعاني الجزئية، غير أنه لم ينجح في وضع نسق شامل للعالم كله منظوراً إليه من خلال صورة ذهنية واحدة. فهو لم يردّ جملة العالم إلى مبدأ واحد، إنما هي إثينينية تتقابل فيها الهيولى القديمة مع الله. وهذا المذهب الأرسطوطاليسي فيه عناصر علمية نظرية ممحَّصة، لكن النـزوع القوي فيه إلى الاعتماد على ما في الوجود الخارجي وحده يشوبها ويعطلها: أنّـى جاءت الصور إذا كان الله عقلاً صرفاً ليس له إرادة؟ وهو يحرك العالم من حيث هو معشوق لا من حيث هو علة فاعلة. ثم هو يجهل الجزئيات؟ ذلك مذهب في الألوهية ليس بفلسفي»(5).

فهورتن إذن يأخذ على أرسطو أنه لم يستطع رد جملة العالم إلى علة واحدة ما دامت الهيولى القديمة موجودة مع الله. ففي الكون علتان إذن: الله والهيولى. وهكذا عجز أرسطو عن وضع نظرية واحدة شاملة تنصهر فيها جميع الجزئيات في العالم وتضيع معالمها في كلٍّ أكبر منها، كما لم يستطع أرسطو أيضاً تفسير حقيقة صلة الله بالعالم وكيف يؤثر فيه إذا كان مجرد علة غائية، ثم هو يجهل ما يجري في هذا العالم من أمور وحوادث جزئية. هذه هي جملة المآخذ التي يأخذها هورتن على أرسطو. ويمكن أن نضيف إليها أيضاً إضافات طفيفة أخرى تسير في نفس الاتجاه وبها تكتمل في رأينا نظرية هورتن: فأرسطو قد ترك في مذهبه نقاطاً كثيرة معلقة من غير أن يتصدى لحلها، كما أن في مذهبه نقاطاً غامضة حيناً، متعارضة بعضها مع بعض حيناً آخر، من غير أن يكلف نفسه مؤونة توضيحها أو إزالة ما فيها من تناقض. وأخيراً، إن مذهب أرسطو معارض للإسلام في كثير من جوانبه، كما أن في الإسلام قضايا كثيرة لا يقرها أرسطو.

في هذه النقاط جميعاً ستتفجر عبقرية فلاسفة الإسلام، وسنشهد معركة حامية الوطيس تنشب بين مختلف التيارات الفكرية العربية الإسلامية لاتخاذ موقف معين منها. وقد كان ذلك كفيلاً بسد جميع الثغرات في فلسفة أرسطو، وجلاء كل غامض فيها، والبت في كل ما تركه معلقاً بلا حل، وإحكام الصلة بين الله والعالم، وتحويل الله من علة غائية إلى علة فاعلة أيضاً، وجعْلِه محيطاً بكل شيء علماً، وصهر الجزئيات جميعاً في نظرة واحدة شاملة تستغرق جميع الأشياء، وأخيراً تقريب أرسطو من الإسلام وتقريب الإسلام من أرسطو، والتوفيق بينهما بإدخال تغييرات -تتفاوت في العمق والقوة والأصالة- في قضايا الفلسفة الأساسية والفرعية، من شأنها تقريب شقة الخلاف بين الفلسفة والدين وإزالة ما بينهما من جفاء، بل بإضافة قضايا جديدة إلى الفلسفة قال بها الدين وجهلتها الفلسفة. وقد فعل الفلاسفة العرب ذلك كله، بل وأكثر منه، بأدوات الفلسفة وبروح فلسفي وتفكير فلسفي لا أثر فيه لنـزوة أو هوى أو عاطفة جامحة، بحيث إنه لو بُعث أرسطو حياً لاستغاث من استخدام فلسفته من قِبل أخلص تلاميذه والمعجبين به من العرب، للوصول إلى نتائج لا يقرها هو ولا يؤمن بها، بل ويذهب في معارضتها إلى حد الشطط.

وليس معنى ذلك بطبيعة الحال أن العرب قد اقتصروا على أرسطو وحده، بل معناه أنهم عملوا على أساسه وفي مخطط تفكيره، مع تصحيح ما فيه من نقص. فقد أخذوا من أرسطو منطقه ومنهجه وطبيعته ومعظم أقواله فيما بعد الطبيعة، ثم أكملوه بمثالية أفلاطون، كما أخذوا من مذاهب يونانية غير مذهب أرسطو وأفلاطون، ثم ضموا إلى ذلك عناصر شرقية غير يونانية أصلاً. ثم تناولت ذلك كلَّه يدٌ صناع استخدمته في حل مشاكلها وبناء وجهة نظرها، وتفسر بعض القضايا التي نبتت في جو الإسلام وفي زمن اختلفت فيه القيم والمثل والآمال والمسؤوليات عما كانت عليه في بلاد اليونان.
-2-
الفلسفات الكبيرة وليدة التحولات الكبيرة التي تطرح مشاكل كبيرة. فقد جاءت الفلسفة بعد تحولات كبيرة طرأت على بلاد اليونان(6)، فطرحت مشكلات كبيرة كانت على رأسها المشكلة الميتافيزيقية. لم يكن للأغارقة سوابق في مجال البحث الميتافيزيقي، كما لم يكونوا مسبوقين في هذا المجال في المنطقة المحيطة بهم. فلم يجدوا بُداً من أن يصنعوا مادتهم بأنفسهم. وقد فعلوا وأجادوا، وبلغوا الغاية في الجودة والإجادة. لقد كانت المسائل الميتافيزيقية تترى بين ظهرانيهم وكانوا يلاحقونها بالحلول تلو الحلول. ومضى الإغريق وجاء العرب في أعقابهم بعد تحولات كبيرة طرأت على شبه جزيرتهم. وأخذت المشاكل تترى على الساحة العربية وجاءت الحلول في أعقابها، وهي مسائل وحلول دينية تشريعية في معظمها لا تخلو أحياناً من بعض الأبعاد الميتافيزيقية. فأما ما كانوا مسبوقين فيه – وأكثره ذو طابع ميتافيزيقي فقد استعاروا مادته ممن سبقوهم، وسخَّروا هذه المادة لحاجاتهم وأغراض مجتمعهم وعصرهم، وأما ما لم يكونوا مسبوقين فيه، أو لم يكن السبق فيه كافياً، فقد صنعوا مادته بأنفسهم بقدر عدم السبق. وبعبارة أخرى، في كل دين قضايا ذات كثافة ميتافيزيقية بطبيعتها أو تحتمل التنمية الميتافيزيقية، كفكرة الله والنفس والنبوة والأصل والمصير.. والى جانب هذه القضايا نجد في الدين قضايا أخرى فقيرة في مضمونها الميتافيزيقي وخالية منه خلواً تامًا، كالفرائض الدينية والتكاليف الشرعية. فإذا طبقنا ذلك على الإسلام رأينا العرب وهم يواجهون القضايا ذات الكثافة الميتافيزيقية في دينهم يزيدونها كثافة ويتوسعون فيها ويدفعون بها إلى أقصى غاياتها، مستأنسين في ذلك بطبيعة الحال بما عند الإغريق من مادة ميتافيزيقية من شأنها أن تساعدهم على إغناء مادتهم هم. وقد تجلى ذلك في علم الكلام أولاً والفلسفة بعد ذلك. وأما القضايا الأخرى الضحلة ميتافيزيقياً كالوضوء والغُسل والنكاح والطلاق..فقد نشأت على أطرافها علوم نظرية وعملية متعددة، وهي علوم إسلامية خالصة، وأكثر علوم الدين واللغة من هذا القبيل، كالفقه وأصول الفقه والحديث والصرف والنحو والبلاغة والبيان.. ومن هذه العلوم الدينية واللغوية جميعاً انطلق العرب إلى علوم أخرى، ولكنها هذه المرة علوم دنيوية صرف وإن كانت تتفاوت في مضمونها الميتافيزيقي، وأعني بها العلوم الرياضية والطبيعية على اختلافها. وهكذا فإذا لم يكن العرب قد صنعوا كل مادتهم في ميدان الميتافيزيقا، وهو ميدان شبه مسدود أمامهم لأنهم كانوا مسبوقين فيه، فقد اندفعوا في الميادين الأخرى المفتوحة التي لم يكونوا مسبوقين فيها، أو كانوا مسبوقين سبقاً جزئياً لا غناء فيه، وذلك ليصنعوا مادتهم كلها أو جلها. هنا تجلت عبقريتهم حيث حرية الحركة أكبر. لقد كان هم العرب الأول سد الفجوة الفاغرة أمامهم. لقد وجدوا فراغاً فأحسوا بالحاجة إلى ملئه. وهكذا نبغ العرب نبوغاً كاملاً أو شبه كامل فيما لم يُسبقوا فيه، ونبوغاً نسبياً فيما دون ذلك.

بل لقد فعل العرب شيئاً من ذلك في ميدان الفلسفة اليونانية ذاتها، وبخاصة فلسفة أرسطو. فهذه الفلسفة ليست فلسفة كاملة كما مر معنا، بل هي فلسفة مليئة بالثغرات، أي فيها مجالات كثيرة مفتوحة لم يطرحها الإغريق. هنا ستتجلى عبقرية العرب أيضاً، فإذا كان أرسطو قد قصّر في رد جملة العالم إلى علة واحدة وفي تفسير حقيقة صلة الله بالعالم، وإذا كان الله في فلسفة المعلم الأول جاهلاً بما يجري في العالم من حوادث جزئية، وإذا كان في مذهبه نقاط غامضة ومتعارضة، وإذا كانت روح فلسفته مخالفة للقرآن في كثير من جوانبها، إذا كان ذلك كذلك، فقد قام فلاسفة العرب بجهود مضنية جبارة لإعادة تكوين أرسطو جديد -إذا صح التعبير- أكثر قرباً إلى روح القرآن من أرسطو الوثني، وقد نجحوا في ذلك إلى حد لا يستهان به، باستثناء حالات معينة يظهر فيها الافتعال والتكلف. وحبذا لو أمكنني إجمال ذلك هنا لولا أنه سيضطرني إلى الدخول في تفاصيل لا تتسع لها المساحة المعطاة لي لتقديم هذه الدراسة. لذلك أحيل القارئ الذي يطلب المزيد على كتابي «من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية»(7) والتركيز أولاً على الفصل الخاص بالفارابي وابن سينا وابن رشد بعد ذلك.

هذا ومن حق المرء أن يسأل: لماذا لم يتمكن العرب من صنع ميتافيزيقا كاملة خاصة بهم، بل اكتفوا برتق الفتوق وسد الشقوق؟ هل السبق مانع من الابتكار؟ أَوَليس في ذلك دليل قاطع على قصورهم وعجزهم عن مطاولة عمالقة اليونان؟

ليس في الأمر عجز وقصور أو موهبة واقتدار، وإنما الأمر شيء غير ذلك وأعقد من ذلك. فللعمل شروط أهمها العثور على صانع يعمل، وعلى مكان يصلح للعمل، فإذا انعدم أحدهما لم يتحقق العمل. فالإغريق قد سبقوا العرب إلى احتلال المكان الذي كان على هؤلاء أن يعملوا فيه فذهبوا إلى مكان آخر، فَلِمَ التزاحم على مكان واحد والمكان كثير ومجالات العمل أكثر؟ ولا صحة مطلقاً لمقولة العجز والقصور عند العرب، والاقتدار والموهبة عند الإغريق. فها هم العرب قد صنعوا علم الكلام وما ضاقوا به ذرعاً، وهو ميتافيزيقا إسلامية تتفاوت في خلوصها وأصالتها، وتختلف الشحنة الإغريقية فيها من متكلم إلى آخر، حتى إن رينان Renan المعروف بإنكاره للفلسفة
العربية(Cool، لم يسعه إلا أن يعترف في كتابه "ابن رشد وفلسفته" بوجود فلسفة عربية ملأى بالعناصر الخاصة. فها هو ذا يقول بصراحة وبلا أي مواربة: «اتخذ العرب من تفسير آراء أرسطو وسيلة لإنشاء فلسفة ملأى بالعناصر الخاصة، المخالفة جداً لما كان يُدرس عند الإغريق»(9). ويقول أيضاً في نفس الكتاب ونفس الصفحة: »إن الفلسفة لم تكن سوى حدث عارض في تاريخ الفكر العربي. فالحركة الفلسفية الحقيقية في الإسلام إنما يجب التماسها في مذاهب المتكلمين».

هذا من الجهة الأولى، ومن جهة ثانية فإن الإطار العام للفكر البشري لم يشهد تخلخلاً هيكلياً عميقاً يقتضي إحداث تغيير شامل في الأفق العقلي العام للإنسانية قاطبة. فمنذ الثورة الزراعية التي تخص الجنس البشري كله لم يشهد الإنسان ثورة أخرى في مستواها. فالمجتمع البشري كله –على الساحة اليونانية أو على الساحة العربية أو في أي مكان آخر من العالم– هو على العموم مجتمع يقوم على الزراعة أو على حياة البداوة، أي إن كل تحرك فيه فإنما يتم بعضلات الإنسان أو الحيوان. رتابة في رتابة عمرها كعمر الإنسان أو تكاد. وقد استطاع الإغريق أن يعبروا عن هذا المجتمع العضلي الرتيب المغلق أصدق تعبير، وأن يستخلصوا منه كل ما يتضمنه أو يشتمل عليه من إمكانات عقلية وتطلعات ميتافيزيقية كامنة. هذه هي ميزة الإغريق في العصور القديمة، إنهم لم يستطيعوا أن يدخلوا أي تغيير في هذا الإطار، بل لم يخطر لهم ذلك على بال. لقد كفروا بكل تغيير فحسبهم التفسير، ففي التفسير مندوحة عن التغيير. ليس في الإمكان أبدع مما كان، ففي الإبقاء على الأشياء غاية الأمان. لا خيار إلا في الاستقرار، ففي الاستقرار نِعْم القرار!

لقد كان العرب الورثة المباشرين للإغريق، وبذلك فقد وصلت إليهم الفلسفة تعبق بأنفاس أصحابها قبل أن يتداولها المتداولون ويستهلكها المستهلكون، لم يكن الوقت قد حان بعد ليضيق المرء بها ذرعاً أو يشعر بما فيها من جدب وعقم، وإن استطاع بعضهم كالغزالي ولاعتبارات دينية صرف المراهنة على هذا العقم وتأكيده بغير تعمق يذكر. لقد كانت الفلسفة لا تزال تحتفظ بإغرائها وفتنتها، فأقبل الكثيرون عليها بنهم جديد. إنها الدليل على الحقيقة، والرهان عليها رهان على الحقيقة.

قلنا: إن التفسير غلب على التغيير في بلاد اليونان، وإذا كان من تغيير فهو مقصور على بعض الإصلاحات الداخلية المحصورة في بلاد اليونان وما حولها، أي إن التغيير ظل محلياً. وهكذا العرب فقد ظل التحول الذي أدخله الإسلام على جزيرتهم والمنطقة المحيطة بها محصوراً في العرب وأهل الجوار، فهو تغيير محلي أيضاً. لقد كان العرب والإغريق عل السواء يتمنون أن تشمل تغييراتهم العالم كله، ولكن الواقع هو دائماً أقوى من الأماني، الأماني الحقيقية هي التي تفرض نفسها على الواقع فرضاً وإلا بقيت أحلاماً.

المهم أن التغيير ظل محلياً سواء في بلاد اليونان أو في بلاد العرب. فالمجتمع العضلي في كليهما بقي المجتمع العضلي، والمجتمع الزراعي بقي المجتمع الزراعي، ولذلك كانت الفلسفة الميتافيزيقية القديمة على قدهما وصالحة لكليهما على حد سواء: للإغريق الذين أنجبوها وللعرب الذين تلقوها، بل وللفلاسفة اللاتين أيضاً الذين ورثوها عن العرب حيث ابتعدت عن مصدرها الأصلي كثيراً، واستطاع القوم هناك إطالة حياتها بعض الإطالة. وفي نهاية الترحال بدأ التذمر وأخذ صوته يرتفع. وأخيراً جاء المجتمع الآلي ليحدث التغيير الحقيقي، أي التغيير على الصعيد الإنساني كله. لقد طال عهد الفلسفة اليونانية، وظل الحنين إليها قوياً حتى في إبان عصر النهضة. فرغم ثورة ديكارت على هذه الفلسفة فإنه لم يستطع التخلي عنها نهائياً، وكذلك تلاميذه الأقربون من بعده، بل لا نزال حتى الآن نحتفظ بالكثير من مقولاتها، وما ذلك إلا لأنها فلسفة الواقعية الساذجة وبادي الرأي المشترك.

وبعبارة أخرى، إن العقل إنما يعمل ويعمل عندما يواجه مشكلة، فإذا ما حلها توقف عن العمل، أو كاد، لينصرف إلى القضايا اليومية. لقد حل فلاسفة اليونان المشكلة الميتافيزيقية على خير ما يكون الحل، فإن كلاً منهم قدّم جزءاً من الحل. ولما أن اكتمل الحل توقف العقل اليوناني ولن تقوم له قائمة بعد ذاك، ولن يمكنه بالتالي تقديم أي حل. فالحل مانع من الحل. الحل يكبح نشاط الفكر ويشل إمكاناته، أو على الأقل يضع غطاء على البصر والبصيرة فلا يريان إلا القضايا الآنية التي تلح عليهما وتأخذ بتلابيبهما. ولو أمكن أن يضاف إلى الفلسفة الإغريقية حبة خردل لما قصر الإغريق في ذلك وهم أربابه. وكل ما وسعهم القيام به بعد ذلك إنما هو الدوران في حلقة مفرغة لا تنتهي من التوفيق والتلفيق والشروح والحواشي والتعليقات واجترار أقوال السلف. ولئن كانت هناك مسائل تثار من وقت إلى آخر فهي مسائل معيشية يُحل بعضها ويُغفل بعضها ويتراكم أكثرها طبقاتٍ بعضُها فوق بعض، أو قل: هي مشاكل النعش والجنازة والتعجيل في الدفن، فمن إكرام الميت التعجيل بدفنه. لقد انتهت أثينا حضارياً وإن ظلت قائمة بيولوجياً.

وجاء الإسلام وطرح المشكلة الدينية، وعندما خرج العرب من قوقعتهم واندمجوا في العالم الكبير من حولهم، كان لا بد من حدوث صدام فتفاعُل بين الدين الجديد والفلسفة القديمة، وكان التفاعل بقدر حجم المشكلة، وهي بطبيعتها مشكلة محلية تُهم المسلمين وحدهم ونظام حياتهم، فكان التفاعل محلياً وكانت الحلول محلية. وكذلك لم يطرأ تغيير يُذكر على المشكلة الميتافيزيقية والحلول المطروحة بشأنها إلا بقدر اتصالها بالدين. فإن كل ما حدث ظل محصوراً في إضفاء الصبغة الإسلامية على هذه المشكلة من غير المس بجوهرها، وبتعبير أدق إجراء بعض التعديلات في الحلول التي وُضعت لها، بحيث يزول التناقض، أو على الأقل يضعف الخلاف بين الفلسفة والدين. وهكذا يتخلل الدم الإسلامي عروق الفلسفة اليونانية، وتنبث الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني في شرايين العقيدة الإسلامية، أي عقلنة الدين وأسلمة الفلسفة، على تفاوت في ذلك بين هذا الفيلسوف أو ذاك. لقد جاء الإسلام وطرح المشكلة الدينية بكل ثقلها وأصالتها، وحل المسلمون هذه المشكلة بجميع أبعادها وامتداداتها. ولما أن اكتمل الحل توقف العقل العربي وعجز عن تقديم المزيد من الحل. ولا نجد بعد ذلك سوى حلقة مفرغة من التوفيق والتلفيق والشرح والتعليق واجترار أقوال السلف كما كان الحال عند الإغريق، مع اختلافات طفيفة تقتضيها ظروف الزمان والمكان والمرحلة التاريخية لكليهما. وهذا ما يعبَّر عنه في الاصطلاح الإسلامي بإقفال باب الاجتهاد. وليس المقصود بالاجتهاد هنا الاجتهاد في الدين فقط، من فقه وأصول وما إليهما وإن حصره المسلمون في ذلك. فالآلة كلها قد تعطلت وتوقفت عن العمل، وتوقف معها بطبيعة الحال النشاط العلمي والفلسفي.
-3-
هذا هو باختصار شديد الحل الفكراني لمشكلة الفلسفة العربية الإسلامية. فليس عدم إنتاج فلسفة عربية إسلامية أصيلة ناشئاً عن عجز العقل العربي عن إنتاج هذه الفلسفة، بل لأن المشكلة الميتافيزيقية قد سبق حلها في المجتمع العضلي. فالحل كما قلنا مانع من الحل، لقد اكتمل الحل فلا سبيل إلى استئنافه ولا إلى إضافة أي جديد إليه. لذلك لا يصح أن يقال عن العرب: إنهم كانوا عاجزين عن إنتاج فلسفة ميتافيزيقية جديدة وأصيلة خاصة بهم إلا إذا ثبت أن غيرهم من أفراد المجتمعات العضلية الأخرى كانوا قادرين على إنتاج مثل هذه الفلسفة. والحق أن إمكانية الإنتاج الفلسفي بعد العصر اليوناني، بل حتى في أواخر هذا العصر كانت مسلوبة معطلة عن الفعل والتفاعل والانفعال عند العرب والعجم، وفي الشرق والغرب، وفي بلاد اليونان وغير بلاد اليونان. ولا أدل على ذلك أن الأغارقة أنفسهم لم يستطيعوا أن يضيفوا في عصور الغيبوبة والاحتضار ذرة واحدة إلى ما كان ينثال عليهم من عصور المجد والازدهار. لقد اكتملت الفلسفة اليونانية فأصبحت بلا أفق، ولن يحدث بعد اليوم أي إنتاج فلسفي أصيل في العالم كله إلا عندما يبدأ المجتمع العضلي في التصدع، هنالك وهنالك فقط ينفتح الأفق. وبالثورة الصناعية الآلية بدأ الانفراج وأخذت كوة صغيرة ترتسم في الأفق. وكلما اتسعت الصدوع اتسعت الكوة وانكشف معظم الأفق، وتتالت الفلسفات بعد ذلك بتتالي اتساع رقعة الأفق. فليس الأمر إذن أمر عجز عند العرب وإعجاز عند الإغريق القدماء، فالأمر أبعد من ذلك وأعمق من ذلك وأعقد من ذلك. دعونا من التفسيرات السطحية التي لا تفسر شيئاً.

وهكذا لم تكن المشكلة المطروحة على بساط البحث العربي الإسلامي هي حل المسألة الميتافيزيقية بحال من الأحوال، إنما المشكلة هي حل المسالة الدينية وتعميقها في ضوء التجربة الميتافيزيقية التي توصل إليها فلاسفة اليونان. فالفلاسفة المسلمون لم يدَّعوا يوماً أنهم أنشأوا فلسفة جديدة بحال من الأحوال، وقد اعترفوا بذلك بلسان الحال إن لم يكن بلسان المقال. فقد كانوا يكررون دائماً أنهم تلاميذ الأوائل وشراح لهم، وكانوا يعتزّون بذلك ويتباهون به وبه يتكايسون على الأصحاب والأقران. لقد خالفوا أرسطو وهم يحسبون أنهم إنما يسيرون في ركابه. فكانوا إذا ما اتفق لأحدهم أن يبتكر شيئاً جديداً لم يقله المعلم الأول، بادر إلى الاعتذار وإعلان براءته من مخالفته، والى الاعتراف بأن ما توصل إليه موجود بالقوة في فلسفة المعلم الأول. ومعنى ذلك بالتعبير الفكراني أن المشكلة الميتافيزيقية قد حُلت على أيدي أربابها فعلام الخوض فيها مرة أخرى وقد فرغ منها:

السادة؟ هذا هو لسان حال القوم، حتى أن كثيرين قد اعتقدوا –وكنت واحداً منهم– أن هذه العبادة للنصوص اليونانية القديمة ناشئة عن العجز أو عدم الثقة بالنفس على الأقل. ولم أقف على ما أزعم أنه السبب الحقيقي إلا منذ وقت قريب جداً، وبعد المعاناة الطويلة لأصول التحليل الفكراني والتمرس به، وهذا ما بدا لي على الأقل أنا العبد الفقير. فالمشكلة الحقيقية التي كانت مطروحة على الساحة العربية الإسلامية، والتي زلزلت كيان المسلمين الأولين واخترقت بهم الآفاق إنما هي المشكلة الدينية وحدها، فأبدوا في حلها وتحليلها والغوص على معانيها ما لم يُبده أي شعب آخر. لقد استغرقتهم المشكلة الدينية بقدر ما استغرقت المشكلة الميتافيزيقية أساتذتهم الإغريق. لقد تخصصوا في الدين تخصص هؤلاء في الميتافيزيقا، ولئن طُرحت المشكلة الميتافيزيقية بينهم فإنها لم تُطرح طرحاً جدياً بل لقد كان طرحها جانبياً، أي على أساس أنها هي أيضاً مشكلة دينية، وجزء من المشكلة الدينية، أو الوجه الآخر لها، لأن «الحكمة هي صاحبة الشريعة وأختها الرضيعة، وهما المصطحبتان بالطبع، المتحابتان بالجوهر والغريزة»(10). على حد ما يقول ابن رشد، أخلص فلاسفة العرب لأرسطو وأشدهم تقريعاً لمخالفيه، ولئن بدا لابن سينا مثلاً بعض التشكيك في فلاسفة اليونان فما ذلك إلا ليزج بالمشكلة الميتافيزيقية في الدين مرة أخرى، ولا فرق بين أن يكون هذا الدين هو الدين الإسلامي أو الدين الشرقي، كما فعل في حكمته المشرقية، وهي حكمة أفلاطونية أفلوطينية ظاهراً، وحكمة دينية باطناً. ولعل هذا أحد أسباب نجاح أفلاطون وأفلوطين في العالم الإسلامي. فما من فيلسوف خدم المكانة الدينية كما خدمها أفلاطون وأفلوطين. حتى أنه عندما تصدى ابن رشد لتخليص المشكلة الميتافيزيقية من الأوهام الأفلاطونية الأفلوطينية، أي من الدين، فقد أقحمها هو أيضاً مرة أخرى في الدين عندما قال بالحقيقة الواحدة ذات الوجهين المختلفين: الحكمة والشريعة. فلا يمكن لأي فيلسوف عربي إسلامي تصور الحقيقة بغير الدين!

ولسائل إن سأل: لماذا الميتافيزيقا للإغريق والدين للعرب؟ ألا يدل ذلك على تفوق الإغريق على العرب؟ وللإجابة على هذا السؤال أكاد أقول: إن الأمر هنا يكاد يكون وليد المصادفة، ولا يرجع إلى خصائص عرقية تكوينية باطنة، بقدر ما يرجع إلى الظروف والملابسات الخارجية المستقلة عن كلا الفريقين. إن أياً من الفريقين لم يختر مشكلته، إنما هي المشكلة التي اختارته بحكم المصادفة إذا صح التعبير ليجد لها حلاً، ثم جاءت الوراثة الاجتماعية لتوجيه الحل وتعميق جذوره. فإن من أهم معطيات الفكرانية أن المشكلة الأولى هي عامل أساسي في غاية الأهمية في توجيه الطاقة العقلية للجماعة وجهة دون أخرى. إنها المشكلة الأم التي ستنبثق عنها جميع المشاكل الأخرى، وهي التي ستمنحها هويتها وتضفي عليها حضورها وخصوصيتها. وما تاريخ الجماعة سوى تاريخ الرحلة في عوالم هذه المشكلة. فإذا أردت أن تتعرف الجماعة وتقف على دخيلتها فارحل في عوالم المشكلة الأم التي إنما تطبع الجماعة بطابعها وتفرض عليها روحها ومنهجها ومدار حياتها. وعند الفراغ من حل هذه المشكلة ينفرط عقد الجماعة وتذهب روحها. لقد أنهت رسالتها فلا معنى لوجودها بعد ذلك وجوداً حضارياً على الأقل، وإن استمر الوجود البيولوجي.

فالمشكلة الأولى التي تصدى طاليس لحلها منذ بدء الفكر اليوناني يصحو ويعي وجوده هي المشكلة الميتافيزيقية: لقد لاحت له كما تلوح لأي إنسان على مستوى معين من التفكير في أي زمان ومكان. إن كثيراً من الصبية الفضوليين الأذكياء يسألون آباءهم: كيف وُجدوا وأين كانوا قبل أن يُوجدوا؟ لكن أكثر الآباء والأمهات يجدون حرجاً كبيراً في مواجهة هذه الأسئلة، وعلى الخصوص عندما يكونون دون مستوى أبنائهم. وهناك أطفال كثيرون يتساءلون عن الله ومن خلق الله؟ ليس من الضروري أن يكون الصبي يونانياً ليطرح هذه الأسئلة على أبويه أو أساتذته في المدرسة، إنها تعرض لكثيرين من الطلاب في سن المراهقة، ولكن جهل الآباء والمعلمين لا يشجع هذه الأسئلة، بل أن الأهل والمعلمين في كثير من الأحيان يواجهونها بمنتهى الصرامة لأنها تفسد العقيدة. وهكذا يقضون على الفاعلية الميتافيزيقية عند أبنائهم وتلامذتهم بعد أن أصبحت مقرونة بالشعور بالإثم، لقد أورثوهم عقدة من الشعور بالذنب يصعب جداً التخلص منها.

المهم أن طاليس عندما طرح على نفسه مشكلة أصل العالم لم يشعر بأي إثم في تناولها، بل أمعن فيها نظراً وتمحيصاً وتحليلاً ووصل فيها إلى بعض النتائج. ووجدت هذه المشكلة هوى عند بعض النفوس، ونفوراً عند البعض الآخر، وعدم مبالاة عند بعض ثالث، كأي اقتراح يأتي به أحدنا. فليس جميع اليونانيين تستهويهم الميتافيزيقا التي لها أصدقاؤها وأعداؤها في كل أمة بل في كل بيت. والتف حول طاليس نفر استهواهم كلام طاليس، كما سخر منه من لم يفهم كلامه، ولم يأبه به من لم يأبه. وأكثر هؤلاء الذين التفوا حوله تقبلوا حلوله ووجدوا فيها متنفساً لما يعتمل فيهم من قلق ميتافيزيقي مثير وضاغط، لكن قلة –بل قلة قليلة جداً من المعجبين بطاليس، ولعله واحد فقط– أعادوا النظر في كلام طاليس وأدخلوا عليه تعديلاً ما. وتكرر ذلك عند ابرز تلاميذ طاليس الأقربين والبعدين ممن انتهت إليهم رياسة الفلسفة ووصلوا إلى درجة الإمامة فيها. وهكذا أخذ الفلاسفة يتعاقبون وأخذت الحلول تترى، والمشكلة الميتافيزيقية تتضح وتتعمق وتتأصل على قانون مرسوم(11)، بحرية لا يهددها كاهن جاهل أو أب أحمق أو معلم أحرى به أن يعود إلى مقاعد الدراسة! وساعد الفراغ وأجواء الحوار والديموقراطية على سبر أغوار هذه المشكلة التوغل فيها إلى آخر مداها. لقد كان كل فيلسوف لاحق يصحح سلفه السابق ويضيف إليه جديداً، ويستدرك عليه بعض الأخطاء. وهكذا تمت الفلسفة اليونانية بالإضافة والحذف والتنقيح والتصحيح والتحليل والتعميق والتأصيل. لقد اتفق فلاسفة اليونان واختلفوا، واصطلحوا واختصموا، وتباعدوا وتقاربوا، واكتسبت الفلسفة الكثير من هذا الحوار والصدام والتفاعل والانفعال، واكتسب الفكر اليوناني المزيد من الحضور والغنى والثراء والخصوبة.

تساءل بعضهم: هل العامل الجغرافي والمناخي هو السبب في عبقرية الإغريق؟ واستبعد البعض ذلك قائلاً: إن اليونانيين أنفسهم كانوا عاجزين عن استئناف الإنجاب، يستوي في ذلك اليونانيون المباشرون القدماء أو أحفادهم المعاصرون. قل لي بربك: ما الفرق اليوم بين بلاد اليونان وبين أي بلد من بلاد البلقان؟ فالإبداع لا يتكرر في الأمة الواحدة والبلد الواحد: الإبداع مانع مانع من الإبداع. فلو كان للجغرافيا أو المناخ أي مدخل في هذه المسألة، لظلت أثينا تقذف بالفيلسوف تلو الفيلسوف إلى آخر الدهر، ولكانت درة العالم وأعجوبته الكبرى الوحيدة لصنع الفلسفة والفلاسفة!!

وهكذا فالتفكير اليوناني إنما كان رهناً بالشرارة الأولى التي أطلقها طاليس في عصر تحول كبير. وهذا عينه هو ما حدث للعرب أيضاً لولا أن صحوتهم قد اقترنت بالمشكلة الدينية بقدر ما اقترنت صحوة الأغارقة بالمشكلة الميتافيزيقية. وكان للوراثة الاجتماعية –لا البيولوجية– نصيب كبير في تقوية حوافز كل من الفريقين في هذا الطريق الذي وجد نفسه مقحماً فيه أو ذاك. وعلى هذا المنوال طغت الميتافيزيقا على بلاد اليونان حتى أصبحت عنوانًا على اليونان، وطغى الدين على بلاد العرب حتى أصبح عنواناً على العرب، لاسيما وإن الشرق كان دائماً مثوى للإلهام الديني ومسرحاً خصبًا للرؤى والأحلام والعبقريات الدينية المختلفة. نعم، ليست الأمور –ميدانياً– على مثل هذه الدرجة من البساطة، لكن هذا التحليل يقدم لنا على كل حال مخططاً تقريبياً لما كان يجري على الأرض يكتفي من الظواهر المتفرقة بهيكلها العام وشبكة العلاقات البنيوية القائمة بينها.

وزبدة القول أن الفكر في تفاعل مستمر بين الإنسان ومجتمعه، وهذا المجتمع لم يتغير تغيراً جذرياً منذ العصر اليوناني الكلاسيكي حتى عصر النهضة في أوروبا. فجاءت الفلسفة اليونانية على قدِّه ومقياسه فانقفل أفق الفلسفة. وجاء الفلاسفة العرب والأفق مقفل، لأن المجتمع ظل هو هو كما كان في العصر اليوناني القديم. وكل ما حدث بعد ذلك من تغيرات عند الفريقين ظل محصوراً في تغيرات محلية طفيفة لم تستطع زعزعة الأفق، بل حتى إحداث خدش صغير فيه. فلا بد من إحداث تغيير شامل يفجر الأفق يخص البشر جميعاً، وإلا ظل الأفق ساكناً لا حراك فيه. وأخيراً انفجر الأفق ليبدأ التغيير الشامل. لقد جاء مجتمع الآلة ليضع حداً لمجتمع العضلات، ومنذئذٍ بدأ سيل الفلسفات. فحيث تكون عضلات يكون جمود، وهذا لعمري من أسباب تخلفنا وتبعثرنا. فهيا بنا إلى مجتمع الآلة والصناعة الآلية إذا أردنا أن تكون لنا فلسفة خاصة بنا. فالمجتمع الآلي سريع التطور والحركة وينجز في وقت قصير ما يتطلب من العضلات الوقت الطويل. أو قل هو تكثيف للزمان. فالدقيقة الواحدة فيه قد تعني عمراً كاملاً بل أعماراً. فما قولك بالمجتمع الإلكتروني، مجتمع الساتلايت والكومبيوتر والإنترنت! وكلما استطاع العقل ملاحقة ذلك تكثف هو أيضاً وارتفعت وتيرته وانهمر عطاؤه مدراراً. ما أرخص الزمان في مجتمعاتنا وما أغلاه في مجتمعات غيرنا!


*****************

الهوامش
[1] - إبراهيم مدكور: في الفلسفة الإسلامية، منهج وتطبيق. دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، 1367هـ 1947م. ص4.
2- هذا هو موضوع الفكرانية. وقد أفردت له كتاباً في مجلدين من القطع الكبير صدر عن دار الجيل بيروت بعنوان الفكر العربي في مخاضه الكبير، حاولت فيه ولاسيما في المجلد الثاني، تفسير ظهور الفكر الإسلامي عامة والفلسفة العربية الإسلامية خاصة، تفسيراً جديداً يختلف اختلافاً تاماً عن جميع التفسيرات التقليدية المعتمدة حتى الآن.
3- مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي. دار الثقافة، بيروت، بالاشتراك مع مؤسسة فرانكلين المساهمة للطباعة والنشر. بيروت، نيويورك، 1961، ص131. انظر أيضاً الفصل الثالث من كتابنا أصالة الفكر العربي، منشورات عويدات، بيروت، 1982، للمزيد من المعلومات.
4- نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام. الطبعة الثالثة، دار المعارف، فرع الإسكندرية، 1965، ج1، ص23.
5- نقلاً عن مصطفى عبد الرازق: تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، القاهرة 1363هـ/ 1944م، ص23 – 24
6- عن هذه التحولات انظر كتابنا: بدايات الفلسفة الأخلاقية، الباب الثاني بفصوله الربعة، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت، 1995.
7- من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية. الطبعة السادسة والأخيرة، سنة 2000م/ 1420هـ، منشورات عويدات، بيروت.
8- انظر كتابنا السالف الذكر ص338 – 339.
9 - Averroès et l’averroïsme , 2e édition, Michel Lévy Frères, Librairies éditeurs, Paris , 1861.
10- فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال. تقديم البير نصري نادر، الطبعة الثانية، بيروت، 1968، ص58.
11- وبتعبير أدق عشرة قوانين انظر كتابنا: الفكر العربي في مخاضه الكبير، ص124 – 169.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://afaqkadima.yoo7.com
 
الفلسفة العربية الإسلامية من منظور جديد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفلسفة العربية : تاريخ الفلسفة الإسلامية بين التماثل والاختلاف
» كيف نشأت الفلسفة العربية ـ الإسلامية؟
» الفلسفة العربية الإسلامية ، إشكالية ونقد
» كتاب ربيع الثورة العربية - تفكيك المعادلة الأمنية لعصر الديكتاتوريات العربية -
» الخطــــأ الطبــــي : منظور تاريخي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الآفاق القادمة :: آفاق الفكر الفلسفي العالمي :: آفاق فلسفية عربية/إسلامية-
انتقل الى: