kimgou64 مدير عام
عدد المساهمات : 1194 تاريخ التسجيل : 10/10/2012 العمر : 60 الموقع : https://afaqkadima.yoo7.com
| موضوع: حاجة المجتمع للتذوق الجمالي من خلال الفن التشكيلي والتربية الفنية الخميس 17 أكتوبر 2013 - 7:51 | |
| حاجة المجتمع للتذوق الجمالي من خلال الفن التشكيلي والتربية الفنية سلمان الحجري مدرس بقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس ما من شك بأن الفن بمفهومه العام هو إنعكاس لحياة الشعوب وأحساسيسها وقضاياها وهو مظهر من مظاهر الحياة الشعورية النفسية وخلقاً ذاتيا ينبض بالحياة ويكشف عن إحساس الفرد. والفن بمفهومه العام هو الجمع بين الدقة في التفكير والجمال في التعبير وهو اللغة المفهومة بين كل البشر فهو لا يحتاج إلى شرح أو تفسير فهو في مفهومه يعطي صورة حية عن حياة الناس وتعبير تلقائي عن تقاليدهم وعقائدهم. أذن هو الفن التشكيلي مرآه صادقة تتجلى فيها نهضة الأمم وحضارتها وتقدمها. هذه الأدوار البارزة التي يلعبها الفن التشكيلي هي تكريس لمبداء نشر قيم الجمال والتذوق على مستوى كل شرائح المجتمع، هذا المبداء مستمد من الحقيقة التي أكدها الكثير من الباحثون في الفنون بأن لكل إنسان استعداد فطري للممارسة الفن ، والدليل على ذلك أن الطفل منذ حداثته يبدي ميلا ملموساً لالتقاط كل ما يشاهده أو يصادفه لكي يتأمله ويتمعن فيه. هذه التلقائية تعكس المهارة الفنية التي تصاحب الطفل منذ ولادته والتي هي هبة شخصية لها حريتها وأصالتها وليس بالامكان أن نخلقها أو نصوغها كما نريد، لكن قد يتفاوت الأطفال في هذه القدرة نتيجة للعوامل الوراثية والوعي الذاتي الذي يميز كل طفل عن غيره. من كل ما سبق يتبين لنا مكانة الفن في التربية الحديثة فقد خصها رجال التربية الفنية بأكبر قدر ممكن من عنايتهم لما أكتشفوه من المزايا الكبرى التي تعود على الطلاب من دراستهم للفنون بشكل عام وللتربية الفنية بشكل خاص. ففي ميدان التربية الصحيحة المتكاملة يتم توظيف قدرات التربية الفنية في إثراء المفاهيم الجمالية وتأطير الخريطة المفاهيمية للسلوك الإيجابي في المجتمع كأحد العوامل للتنشئة السليمة السوية لأفراد المجتمع. الأفراد القادرون على الإنتاج في مجتمعاتهم بطريقة إيجابية جمالية يشعرون بالنظافة ويؤمنون بالجمال كقيمة فنية حتمية، ذلك الجمال المنعكس من جمال الأمكنة التي يعيشون فيها وبالتالي فإن الجمال الداخلي منعكس من الجمال الداخلي المستمد من هذه الأماكن، أذن فالعلاقة هاهنا تبادليه الفن يغذي الفرد بالقيم الجمالية والفرد بدوره يعكسها كمافهيم جمالية في حياته اليومية في ملبسه وفي بئيته وكل ما يحيط به. أذن الإحساس بالجمال هو نوع من السلوك لدى الناس ينمو ويكبر ويكتسب من خلال التعلم ، هذا السلوك إداه من أدوات التمدن التي يسعى لها الإنسان بطبعه. فمنذ أن عرف الإنسان هذا التمدن بأبسط صوره فأن حالة التحول والتبدل لا تكاد أن تفارقه، ومن البديهي أن يكون السعي وراء الشعور بالجمال واحد من أهتمامات الإنسان السوي الباحث دائما عن الإستقرار النفسي والتكامل الشعوري بين الروح والجسد. وهنا كانت الدعوة للتذوق الجمالي ترتفع يوما بعد يوم، فظهر علم الجمال وعلم تذوق الفنون المحيطه بالإنسان بمختلف صورها بل تعدى كل ذلك محاولة رؤية الجمال وإستنباطه من خلال الأشياء المنفره أحيانا، فمثلا لا يختلف أثنان على أن النظر إلى طائر الغراب قد لا يكون ممتعا كالنظر لطيور أخرى لكن النظرة الجمالية للعناصر والخطوط التي تكون هذا الطائر قد تبعد الفكره التشائميه التي أرتبطت به والتي كانت كالحاجز الذي يمنع المتذوق من إعاده رؤيته بشكل أخر. وبطبيعه الحال كان المجتمع دائما هو المؤثر الأول على المتذوق في أصدار أحكام مسبقة تجاه ما تعارف عليه البشر من قبح أو جمال في كل ما يحيط بالإنسان. أذا ليس هناك شك في أن الحاجه إلى تدريب المتذوق للفن على الرؤيه الجميلة للأشياء حاجة ملحه في هذا الوقت الذي يحتاج فيه الإنسان إلى الرجوع للطبيعة البكر ومحاولة أستنطاقها من جديد. الفن المعاصر ودورة في إثراء المفاهيم الجمالية لدى المجتمع للفن المعاصر دور كبير في تنمية المفاهيم الجمالية للإنسان وتهذيب سلوكه للوصول به إلى الشخصية السوية المتفردة في الإبداع والتخيل والقادرة على التنسيق وجودة في التنظيم وفي قوة الملاحظة وكل هذه مستمد ومكتسب من الفن وتذوقة. أن أهم ما يميز الفن في الوقت المعاصر عن غيرة من الفنون السابقة هو أعتمادة بشكل مباشر على عملية الأبتكار التي من خلالها يحاول الفنان أن يكشف قيما جديدة غير التي ألفناها في العصور السابقة ، كما أن هذه القيم متحررة بشكل كبير من الأرتباط بالمقومات التي كانت تؤثر على إنتاج الفن في العصور السابقة ، ومن مميزات الأبتكار أن له تأثيره المباشر على عقلية المتفرج أو المتذوق للفن، لذلك فإن الفن أصبح يعتمد على ذاته دون أن يستمد قوته من طبيعة الموضوع أو من ذوق فئية معينة في المجتمع دون غيرها . فعلى مستوى الموضوع فالفنان لم يعد يعطي الموضوع كل أهتمامه في حد ذاته، وإنما يتخذه كوسيلة في تعبيراته وابتكارته الفنية المميزة، فالموضوع قد يكون مهما على اعتبار أنه يمثل الإثارة الأولى، ولكن الفنان الحقيقي يجب أن يتناول هذا الموضوع بالعمق الذي يساعده في الوصول لكشف الصيغ الجمالية الجديدة، ولذلك فإن تمثيل الأشياء قد يتم بطريقة رمزية، أو تجريدية لا تعتمد على النقل الحرفي كما ينحو الفنان صاحب الصبغة التجريدية في أعماله. أما على مستوى الجمهور فإن الفنان المعاصر لم يعد يتقرب لنزوات هذ الجمهور وما يعجبة وما لا يعجبه ، وإنما يعتمد الفنان الحديث في صلته بالجمهور يعتمد على أصالته الفنية وعلى قدرته في كشف هذه القيم الفنية الفريده، ولذلك فإن الفن الحديث يلقي عبئا كبيراً على جمهور المتفرجين، ليرتقوا بثقافتهم حتى يستطيعوا تذوق الفن وإدراك معانيه. يتبين لنا من كل ذلك أن الفنان المعاصر لا ينقل الطبيعة كما هو الحال سابقا في المدارس التقليدية القديمة وإنما يتناول الطبيعة من وجهة نظر جديدة قد تكون غير مطروقة فنقل الطبيعة كما هي بدون وجهة نظر الفنان تعتبر شئيا ليس ذي قيمه. لذلك فإن العملية الفنية تعتمد على حساسية الفنان بقدر ما تعتمد على استيعاب العالم الخارجي وما يتضمنه من مميزات ونتيجة لهذا التفاعل بين الفنان والعالم الخارجي تتولد شرارة الأبتكار التي تقود الفنان لخلق صيغ جديدة ومتعددة تخالف ما تعودنا أن نراه من أنماط روتينه جامده. فالفن الحديث لا يحاكي الطبيعة محاكاة جامدة وإنما ينقلها بصيغ جمالية جديدة مبتكرة. يتبن لنا من كل ما سبق بأن الفن التشكيلي المعاصر ليس حركة أجتماعية وثقافية بعيدة عن المجتمع وحاجاته وإنما هي نتاج سوي للمجتمع والحراك الذي يميزه، كل ما على الفنان هو أن يكثف صلته بالجمهور أكثر وأكثر مستمدا مميزات الفن المعاصر في توصيل المفاهيم الجمالية بأكثر من شكل ، وعلى الجمهورأيضاء الأستفادة من الفنان التشكيلي في المساعدة على الفهم الأعمق للفن وقيمه السامية. | |
|